الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٢١٣
قال مالك (1) وإذا ضرب النفر الرجل حتى يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعا فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة وإذا كانت القسامة لم تكن إلا على رجل واحد ولم يقتل غيره ولم نعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد قال أبو عمر هذا قول أحمد بن حنبل قال لا تكون القسامة إلا على رجل واحد وهو يرى القود بالقسامة كما يرى مالك وقال المغيرة المخزومي يقسم على الجماعة في العمد ويقتلون بالقسامة كما يقتلون بالشهادة القاطعة قال المغيرة وكذلك كان في الزمن الأول إلى زمن معاوية ولأشهب وسحنون في هذا المعنى ما قد ذكرنا في كتاب اختلافهم وأما الشافعي والكوفيون فلا قود عندهم في القسامة وإنما تستحق بها الدية ويقسم عند الشافعي على الواحد وعلى الجماعة وتستحق الدية على الواحد في ماله في العمد وعلى الجماعة في أموالهم وأما عند الكوفيين فيحلف أهل المحلة ويغرمون وقالوا في الشهادة على القتل إنهم إذا شهدوا أنه ضربه بسيف فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القصاص وإن لم يقولوا مات منها وروى الربيع عن الشافعي مثل ذلك سواء وروى المزني عنه أنه لا يجعل قاتلا له حتى يقولوا إنه إذ ضربه نهر دمه ورأينا دمه سائلا وإلا لم يكن قاتلا ولا جارحا ولا يكلف الشافعي ولا الكوفيون الشهود أن يقولوا مات منها وأما القسامة فلا قسامة عندهم في غير ما شرطوه وذهبوا إليه على ما قد ذكرناه عنهم فيما مضى من هذا الكتاب ومالك والليث يقولان إذا شهد ولي أنه ضربه فبقي بعد الضرب مغمورا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات قتل به وإن أكل أو شرب وعاش ثم مات ففيه القسامة ويحلف المقسمون أنه مات من ذلك الضرب
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»