الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٢٠٩
بالهم إذا شهدوا أنه قتله بأرض كذا وهم عندك أقدته قال فكتب عمر بن عبد العزيز في القسامة إن أقاموا شاهدي عدل أن فلانا قتله فأقده ولا تقبل شهادة واحد من الخمسين الذين أقسموا ذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني إسماعيل بن علية عن حجاج بن أبي عثمان قال حدثني أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ثم أذن لهم فدخلوا عليه فقال ما تقولون في القسامة [فأضب القوم قالوا نقول القسامة] القود بها حق قد أقاد بها الخلفاء فقال ما تقول يا أبا قلابة وتفتي للناس فقلت يا أمير المؤمنين عندك أشراف العرب ورؤوس الأجناد أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه زنى ولم يروه أكنت ترجمه قال لا قلت أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن أنه سرق ولم يروه أكنت تقطعه قال لا قال وحدثني بن علية عن يحيى عن أبي إسحاق قال سمعت سالم بن عبد الله يقول وقد تيسر قوم من بني ليث ليحلفوا في القسامة فقال سالم يا آل عباد الله لقوم يحلفون على ما يروه ولم يحضروه ولم يشهدوه ولو كان لي أو إلي من الأمر شيء لعاقبتهم أو لنكلتهم أو لجعلتهم نكالا وما قبلت لهم شهادة قال أبو عمر أما الذين دفعوا القسامة جملة وأنكروها ولم يقولوا بها فإنما ردوها بآرائهم لخلافها للسنة بخلاف هذه السنة المجتمع عليها عندهم البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه المنكر والاعتراض بهذا على رد القسامة فاسد لأن الذي سن البينة على المدعي واليمين على المنكر في الأموال هو الذي خص هذا المعنى في القسامة وبينه لأمته صلى الله عليه وسلم وكانت القسامة في الجاهلية خمسين يمينا على الدماء فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة بخلاف الأموال التي سن فيها يمينا واحدة والأصول لا يرد بعضها ببعض ولا يقاس بعضها على بعض بل يوضع كل واحد منها موضعه كالعرايا والمزابنة وكالمساقاة وكالقراض مع الإجارات ومثل هذا كثير وعلى المسلمين التسليم في كل ما سن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عبد الرزاق (1) عن معمر عن الزهري قال دعاني عمر بن عبد العزيز
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»