الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٢١٠
فقال إني أريد أن أدع القسامة يأتي رجل من أرض كذا وآخر من أرض كذا فيحلفون فقلت له ليس لك ذلك قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده وأنت إن تركتها أوشك رجل أن يقتل عند بابك فيطل دمه وإن للناس في القسامة حياة وقد قال مالك (1) في القوم يكون لهم العدد يتهمون بالدم فيرد ولاة المقتول الأيمان عليهم وهم نفر لهم عدد أنه يحلف كل إنسان منهم عن نفسه خمسين يمينا ولا تقطع الأيمان عليهم بقدر عددهم ولا يبرؤون دون أن يحلف كل إنسان عن نفسه خمسين يمينا قال مالك وهذا أحسن ما سمعت في ذلك قال أبو عمر هذا هو الأصل في الدماء أنه لا يبرأ منها إلا بخمسين يمينا كما لا يستحق شيء منها عند من رأى أنها تستحق بها الدماء إلا بخمسين يمينا وقد ذكر مالك أن الذي وصفه هو عنده أحسن ما سمع وأما الشافعي والكوفيون فلا يحلف المدعى عليهم كلهم إلا خمسين يمينا كما يحلف المدعون وإن كان الكوفيون لا مدخل عندهم لليمين على المدعين وإنما عندهم أن أهل المحلة المدعى عليهم يحلفون ويغرمون بحديث بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود خيبر في قصة سهل بن عبد الله الأنصاري أن قتيلا وجد بين أظهركم فدوه ولقول الأنصاري في حديث أبي سلمة وسليمان بن يسار فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم ولحديث بن أبي ليلى عن سهل بن أبي حثمة قوله إما أن تفدوا صاحبكم وإما أن تأذنوا [بحرب] ولقضاء عمر بن الخطاب بنحو ذلك إذ حلف الهمدانيين وأغرمهم الدية وقال الشافعي لا يحلف من المدعى عليهم إلا من قصد قصده بالدعوى فإن ادعوا على خمسين رجلا أنهم [قتلوه] وردوا عليهم الأيمان حلفوا عليهم خمسين يمينا كل واحد منهم يمينا واحدة وإن ادعوا على ستين رجلا [أنهم قتلوه فعلى كل رجل يمين وإن استحق غرم الدية عن الدم صغار وكبار وحضور وغيب حلف من حضر من الغيب خمسين يمينا وأخذ حصته من الدية فإذا كبر الصغير أو قدم الغائب حلف من الأيمان بقدر حصته وأخذ حصته من الدية ولا يحلف من المدعين إلا الورثة رجالا كانوا أو نساء فإن امتنع الغائب والصغير من اليمين حلف المدعى عليهم خمسين يمينا وبرؤوا فإن نكلوا غرموا
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»