الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٦٩
قال أبو عمر لا معنى للثلاث في طلاق الزوجة ولا في طلاق العبد عند من جعل الطلاق بالرجال لأن طلاق الأمة تحت العبد تطليقتان وطلاق العبد تطليقتان وقد ذكر أبو الفرج أن مالكا لا يجيز لها أن توقع إلا واحدة فتكون بائنة أو تطليقتين فلا تحل له إلا بعد زوج وهو أصل مذهب مالك وروى بن نافع عن مالك أن للعبد الرجعة إن عتق قال بن نافع ولا أرى ذلك ولا رجعة له وإن عتقها قال الأوزاعي ولو أعتق زوجها في عدتها فإن بعض شيوخنا [يقول] هو أملك بها وبعضهم يقول هي بائنة] قال أبو عمر لا معنى لقول من قال إنها طلقة رجعية لأن زوجها [لو ملك رجعتها] لم يكن لاختيارها [نفسها] معنى وأي شيء كان يفيدها اختيارها إذا ملك زوجها رجعتها وروي عن [بن] القاسم أن زوجها إن أعتق قبل أن تختار نفسها كان لها الخيار وهذا أيضا [لا حجة] له على مذهب الحجازيين لأن العلة التي من أجلها كان لها الخيار قد ارتفعت كالعنين تزول عنته قبل [فراق] امرأته له [وهو قول أبي حنيفة] وأصحابه والحسن بن حي والشافعي وأصحابه إن اختارت المعتقة نفسها ففرقتها فسخ بغير طلاق وهو قول أحمد وإسحاق وفي تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة بعد أن بيعت من عائشة دليل على أن بيع الأمة ليس بطلاق لها وستأتي هذه المسألة وما للعلماء فيها في صدر كتاب البيوع إن شاء الله وأما قوله في الحديث ألم أر برمة فيها لحم إلى آخر هذا الحديث ففيه إباحة أكل لحم وأنه من آدام الفضلاء الصالحين وذلك رد على من كرهه من الصوفية [واحتج] بقول عمر إياكم وأكل اللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر وهذا من عمر قول خرج على من خشي منه إيثار التنعم في الدنيا والمداومة على الشهوات وشفاء النفوس من اللذات ونسيان الآخرة والإقبال على الدنيا والرغبة فيها
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»