الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥٤٦
قال أبو عمر هذا موضع اختلف فيه الخلف والسلف فيمن أجاز ذلك فقال مالك قد ملك المكتري بالعقد منافع الأصل الذي اكترى فله التصرف فيه كيف شاء ويملك المكتري ثمن ما يقبض من ذلك ويتصرف فيه تصرف المالك بلا اختلاف في ذلك فكذلك المكتري والمستأجر لما يستأجره يتصرف فيه ويكريه بما شاء من زيادة أو نقصان قال الشافعي الإجارات صنف من البيوع يملك كل واحد منهما ما يجب له بالإجارة من غير منفعة في الدار والعبد والدابة إلى المدة التي اشترط ويكون أحق بها من ملك أصلها فهي كالعين المبيعة المقبوضة إذا قبض الأصل الذي تطرأ منه المنفعة ولو كان حكمها خالف العين كانت في حكم الدين فلم يجز أن يكترى بالدين لأنه كان يكون حينئذ بدين وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدين بالدين قال أبو عمر وأما من كره أن يستأجر الرجل الدار أو الدابة ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به فإنه جعل ذلك من باب ربح ما لم يضمن لأن ضمان الأصل من المؤاجر صاحب الأصل لا من المستأجر قال أبو حنيفة وأصحابه من استأجر دارا أو دابة فليس له أن يؤاجرها حتى يقبضها وليس له بعد قبضه إياها أن يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به فإن فعل ذلك كانت الأجرة له وأمر أن يتصدق بفضلها عما استأجرها به وذكر عبد الرزاق قال سمعت الثوري يقول لمعمر ما كان بن سيرين يقول في رجل اكترى شيئا ثم ربح فيه فقال معمر أخبرني أيوب أنه سمع بن سيرين يسأل عن ذلك فقال كان إخواننا من الكوفيين يكرهونه قال وأخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير قال كرهه منهم اثنان ورخص فيه اثنان قلت من قال لا أدري قال عبد الرزاق وسألت الثوري عنه فقال أخبرني عبيدة عن إبراهيم وحصين عن الشعبي ورجل عن مجاهد أنهم كانوا يكرهونه إلا أن يحدث فيه عملا قال أبو عمر مثل أن يبني في الدار أو الحانوت ما يزيده من أجرتها أو بحد القدوم أو بصقل السيف أو يصلح الإكاف أو نحو ذلك فيجوز له ما أراد به من الكراء فيه
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 » »»