وأما أبو حنيفة وأصحابه فلا يجوز عندهم شيء من ذلك في الطعام ولا في غيره من العروض كلها وهو قول أحمد وإسحاق قالا بيع السلم من بائعه ومن غيره قبل قبضه فاسدة وحجتهم حديث عطية [الكوفي] عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من سلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) وما روي عن جماعة من السلف أنهم قالوا حين سئلوا عن ذلك خذ ما سلمت فيه أو رأس مالك ولا تأخذ غير ذلك روي ذلك عن بن عمر والحسن وعكرمة [وجابر بن زيد] وغيرهم [وحجة مالك قد أوضحها] على مذهبه وقال الشافعي والثوري وزفر لا بأس أن يشتري السلم إذا أقال من سلمه ما شاء برأس ماله من المسلم [إليه] ومن غيره قبل قبضه [له] لأنه قد ملك كل واحد منهما بالإقالة البدل منها فإذا ملك رأس ماله بالإقالة جاز له التصرف فيه لأن العقد الأول قد بطل بالإقالة ولا حجة لمخالفة في حديث أبي سعيد الخدري وما كان مثله لأنه لم يصرف ما [سلم] فيه في غيره ومعنى النهي عن ذلك عندهم هو بيع ما سلم فيه قبل استيفائه فذلك هو صرفه قال أبو عمر أصل هذه المسالة عند مالك وأصحابه الحكم بقطع الذرائع كان المسلم والمسلم إليه لما علما أن فسخ البيع في شيء آخر لا يجوز ذكر الإقالة ذكرا لا حقيقة له يستجيز بذلك صرف الطعام في غيره وذلك بيعه قبل استيفائه وقد أجمعوا أنه لو لم يستقيل لم يجز له صرف رأس المال في [غيره كما لا يجوز له صرف رأس ماله في] دراهم أو دنانير أكثر منها قال مالك فإن ندم المشتري فقال للبائع أقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك فإن ذلك لا يصلح وأهل العلم ينهون عنه وذلك أنه لما حل الطعام للمشتري على البائع أخر عنه حقه على أن يقيله فكان ذلك بيع الطعام إلى أجل قبل أن يستوفى
(٣٨٧)