الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٢٠٧
وأما عثمان بن عفان فالحديث عنه صحيح أنه كان لا يجيز طلاق السكران ولا يراه شيئا وقد زعم بعض أهل العلم أنه لا مخالف لعثمان في ذلك من الصحابة وليس ذلك عندي كما زعم لما ذكرنا عن عمر ولما جاء عن علي وهو حديث صحيح عنه أيضا رواه الثوري وغيره عن الأعمش عن إبراهيم عن عامر بن ربيعة قال سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه ومن قال إن عثمان لا مخالف له من الصحابة في طلاق السكران تأول قول علي أن السكران معتوه بالسكر كما أن الموسوس معتوه بالوسواس والمجنون معتوه بالجنون [وحديث عثمان رواه وكيع وغيره عن بن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان أنه كان لا يجيز طلاق السكران والمجنون] قال وكان عمر بن عبد العزيز يجيز طلاقه ويوجع ظهره حتى حدثه أبان بن عثمان في ذلك عن أبيه وبه كان يفتي أبان وهو قول جابر بن زيد [وعكرمة] وعطاء وطاوس [والقاسم بن محمد] وربيعة ويحيى بن سعيد والليث بن سعد وعبيد الله بن الحسن وإسحاق بن راهويه وأبي ثور والمزني وداود بن علي وإليه ذهب الطحاوي وخالف أصحابه في ذلك الكوفيين وقال لا يختلفون فيمن شرب البنج فذهب عقله أن طلاقه غير جائز فكذلك من سكر من الشراب قال ولا يختلف فقدان العقل بسبب من الله أو بسبب من جهته كما أنه لا يختلف حكم من عجز عن الصلاة بسبب من الله أو من فعل نفسه في باب سقوط فرض القيام عنه قال أبو عمر ليس تشبيه فعل السكران بالعجز عن الصلاة بقياس صحيح لأنه ما من أحد يعجز به على نفسه في الصلاة آثم ولا تسقط عنه [الصلاة] وعليه أن يؤديها على حسب طاقته وأما أحمد بن حنبل فجبن عن القول في [طلاق] السكران وأبي أن يجيب فيه قال أبو عمر أجمعوا [على] أنه يقام عليه حد [السكران
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»