وبن عباس قد اختلف عنه [في ذلك] ويحتجون أيضا بقول الله تعالى " الطلق مرتان " [البقرة 299] وسنبين ذلك إن شاء الله عز وجل وإنما أدخل مالك - رحمه الله - هذين الحديثين في باب البتة لأنه يرى البتة ثلاثا فأراد إعلام الناظر في كتابه بمذهبه في ذلك وأما وقوع الثلاث تطليقات مجتمعات بكلمة واحدة فالفقهاء مختلفون في هيئة وقوعها كذلك هل تقع للسنة أم لا مع إجماعهم على أنها لازمة لمن أوقعها كما تقدم ذكرنا له فعند مالك والكوفيين ليست الثلاثة المجتمعات بسنة وقعت في طهر لم تمس فيه أو لم تقع وقال الشافعي إذا طلق في طهر لم تمس فيه فله أن يطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وكل ذلك سنة قال ومن كان له أن يوقع واحدة كان له أن يوقع ثلاثا وهو قول أحمد إلا أنه قال أحب إلي أن يوقع واحدة] وهو الاختيار فإن أوقع ثلاثا في طهر لم يمس فيه فهو مطلق للسنة أيضا وسيأتي هذا المعنى في موضعه بأبلغ من هذا - إن شاء الله تعالى قال أبو عمر الذي ذهب إليه مالك في أن الطلاق الثلاث مجتمعات لا يقعن لسنة وأن ذلك مكروه من فعل من فعله هكذا قول أكثر السلف وهم مع ذلك يلزمونه ذلك الطلاق ويحرمون به امرأته إلا بعد زوج كما لو أوقعها مفترقات عند الجميع ذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني بن نمير عن الأعمش عن مالك عن مالك بن الحارث عن بن عباس قال أتاه رجل فقال إن عمي طلق امرأته ثلاثا فقال إن عمك عصى الله فأندمه الله ولم يجعل له مخرجا قال وحدثني علي بن مسهر عن شقيق بن أبي عبد الله عن أنس قال كان عمر إذا أتي برجل يطلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد أوجعه ضربا وفرق بينهما وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب عن عمر بن الخطاب مثله بمعناه
(٤)