الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٣٠٩
زرعا أو غنما بمكانه ذلك قال مالك إن ظن أن أهل ذلك الثمر أو الزرع أو الغنم يصدقونه بضرورته حتى لا يعد سارقا فتقطع يده رأيت أن يأكل من أي ذلك وجد ما يرد جوعه ولا يحمل منه شيئا وذلك أحب إلي من أن يأكل الميتة وإن هو خشي أن لا يصدقوه وأن يعد سارقا [بما أصاب من ذلك] فإن أكل الميتة خير له عندي وله في أكل الميتة على هذا الوجه سعة مع أني أخاف أن يعدو عاد ممن لم يضطر إلى الميتة يريد استجازة أخذ أموال الناس وزروعهم وثمارهم بذلك [بدون اضطرار] قال مالك وهذا أحسن ما سمعت قال أبو عمر قوله أحسن ما سمعت يدل على أنه سمع الاختلاف في ذلك ورأى للمضطر أن يأكل من الميتة حتى يشبع ولم ير [له] أن يأكل من مال غيره إلا ما يرد جوعه ولا يحمل منه شيئا كأنه رأى الميتة أطلق أكلها للمضطر وجعل قوله عليه السلام ((أموالكم عليكم حرام)) (1) يعني أموال بعضكم على بعض أعم وأشد وهذا يخالفه فيه غيره لعموم قوله * (إلا ما اضطررتم إليه) * ولأن المواساة في العسرة وترميق المهجة من الجائع واجب على الكفاية [بإجماع] فكلاهما حلال في الحال أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكير قال حدثني أبو داود قال حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري [قال حدثني أبي] قال حدثني شعبة عن أبي بشر عن عباد بن شرحبيل قال أصابتني سنة فدخلت حائطا من حيطان المدينة فعركت سنبلا فأكلت وحملت في ثوبي فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ((ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا)) أو قال ((ساغبا)) وأمره فرد علي ثوبي وأعطاني وسقا أو نصف وسق من طعام
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»