الحظر ثم وردت الإباحة فيها بشرط لا [يجوز أن] يتعدى ولا يستباح إلا به لأن الفروج محظورة إلا بنكاح أو ملك يمين ولم ترد الإباحة في نكاح ما طاب لنا من النساء أو ما ملكت إيماننا إلا مقرونة لأن الحائض لا توطأ حتى تطهر كما ورد تحريم الحيوان في أنه لا يستباح إلا بالذكاة فوطء الحائض واستباحة الحيوان من القسم الثاني لا من الأول الذي وردت فيه الإباحة في ملك الإنسان مطلقة بغير شرط وهذا بين لمن تدبره وبالله التوفيق ولما كان النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع محتملا للمعنيين جميعا افتتح مالك - [رحمه الله] - الباب بحديث أبي ثعلبه في لفظ النهي ثم أتبعه على جهة التفسير له بحديث أبي هريرة وفي بعض روايات ((الموطأ)) تقديم حديث أبي هريرة والمعنى [في ذلك] واحد لأن الباب جمعها فيه والنهي محتمل للتأويل [فهو مجمل] والتحريم إفصاح فهو تفسير للمجمل وقد قال [أبو بكر] الأبهري أن [النهي عن] أكل كل ذي ناب من السباع نهي تنزيه وتعذر وهذا لا أدري [ما هو] فإن أراد التقذر من القذر الذي هو النجاسة فلا خلاف في تحريم ذلك بين العلماء وأنه لا يحل أكل النجاسات ولا استباحة شيء منها ويلزم التنزه عنها لزوم فرض فإن [كان] ما ذكرنا في الندب والإرشاد فهو على ما وصفنا وإنما احتج الأبهري لرواية بن القاسم فقوله أن الذكاة عاملة في جلود السباع وأن لحومها ليست بحرام على آكلها إذا ذكيت وإنما هي مكروهة فقد تناقض بن القاسم فيما ذهب إليه من هذا الباب ورواه عن مالك لأنه لا يرى التذكية في جلود الحمير تعمل شيئا ولا تحل جلود الحمير عنده إلا بالدباغ كجلود الميتات ومعلوم أن النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع أعم وأظهر عند العلماء لأنه قد قيل في الحمر إنما نهي منها عن الجلالة وقال لبعض من سأله عنها كل من سمين مالك فلم يلتفت العلماء إلى مثل هذه الآثار لضعف مخارجها وطرقها مع ثبوت النهي [عن أكلها جملة وكذلك النهي] عن أكل كل ذي ناب من السباع
(٢٨٩)