الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢٧٣
التحريم وقالوا لا يحل أكل ما أنتن لأنه يصير خسيئا خبيثا والله قد حرم الخبائث ويدخل فيها كل ما أنتن وبيان السنة كذلك وقال آخرون الذكي حلال والنهي عن أكل ما أنتن منه نفرة وتقذر وقد جاء في صيد البحر وهو ذكي مثل ما جاء في صيد البر إذا أنتن لا يؤكل ذكر يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن أبي حمزة أنه سمع جابر بن عبد الله الأنصاري يقول أمر علينا قيس بن سعد بن عبادة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتنا مخمصة فنحرنا سبع جزائر ثم هبطنا ساحل البحر فإذا لحق بأعظم حوت فأقمنا عليه ثلاثا فحملنا ما شئنا من ثريد وودك منه في الأسقية والقدائر ثم سرنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك فقال ((لو أنا نعلم أنا ندركه قبل أن يروح لأحببنا أن يكون عندنا منه)) وفي هذا الحديث إلا أن يروح يقول إلا أن ينتن ففي هذه الأحاديث النهي عن أكل ما ينتن من اللحم الذكي وهو نص لا يضره تقصير من قعد عن ذكره وفي رواية سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إنا أهل صيد فيرى أحدنا الصيد فيغيب عنه الليلة والليلتين ثم يبلغ أثره فنجد السهم فيه قال ((إذا وجدت سهمك فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل)) (1) وروى معمر عن عاصم عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله فذكر معناه سواء] قال أبو عمر هذا قول مالك وجمهور أهل العلم وهو أولى ما اعتمد عليه في هذا الباب والله الموفق للصواب وقد زدنا هذه المسألة بيانا في كتاب الحج عند ذكر حمار البهري لأنه غاب عنه ثم وجده وفيه سهمه [والله أعلم قال أبو عمر] فإن ظن ظان أن بن عباس يخالف هذا فقد غلط والآثار (عنه) تدل على هذا المعنى
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»