وقال آخرون لا تقطع التلبية إلا عند زوال الشمس بعرفة روي ذلك عن جماعة من السلف وهو قول مالك وأصحابه وأكثر أهل المدينة قال بن شهاب كانت الأئمة أبو بكر وعثمان وعمر وعائشة وسعيد بن المسيب يقطعون التلبية إذا زالت الشمس يوم عرفة قال أبو عمر أما عثمان وعائشة فقد روي عنهما غير ذلك وكذلك سعيد بن المسيب وأما علي بن أبي طالب فلم يختلف عنه في ذلك على ما علمت فيما ذكره مالك في هذا الباب وكذلك أم سلمة كانت تقطع التلبية إذا زالت الشمس يوم عرفة وقد روي عن بن عمر مثل ذلك والرواية الأولى أثبت وهو قول السائب بن يزيد وسليمان بن يسار وبن شهاب وفي المسألة قول ثالث وهو أن التلبية لا يقطعها الحاج حتى يروح من عرفة إلى الموقف وذلك بعد جمعه بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر وهو قريب من القول الذي قبله وروي ذلك عن عثمان وعائشة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب وغيرهم وفيها قول رابع أن المحرم بالحج يلبي أبدا حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثبت ذلك عن النبي (عليه السلام) وهو قول بن عمر وعبد الله بن مسعود وبن عباس وميمونة وبه قال عطاء بن رباح وطاوس وسعيد بن جبير والنخعي وهو قول جمهور الفقهاء وأهل الحديث منهم سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وبن أبي ليلى والحسن بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود والطبري وأبو عبيد إلا أن هؤلاء اختلفوا في شيء من ذلك فقال الثوري والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وأبو ثور يقطعها في أول حصاة يرميها من جمر العقبة
(٧٣)