الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٣٥٥
عنه من منى ثم يرمون عن يومهم الذي أتوا فيه من رعيهم قال أبو عمر وقال غير مالك لا بأس بذلك كله لأنها رخصة رخص لهم فيها كما رخص لمن نفر وتعجل في يومين في سقوط الرمي في اليوم الثالث وعند مالك إذا رموا في اليوم الثالث وهو الثاني من أيام التشريق لذلك اليوم ولليوم الذي قبله نفروا إن شاؤوا في بقية ذلك اليوم فإن لم ينفروا وبقوا إلى الليل لم ينفروا اليوم الثالث من أيام التشريق حتى يرموا في وقت الرمي بعد الزوال وإنما لم يجز مالك للرعاء في تقديم الرمي لأن غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئا من الجمار قبل الزوال ومن رماها قبل الزوال أعادها فكذلك الرعاء سواء وإنما رخص للرعاء في تأخير اليوم الثاني إلى اليوم الثالث فقف على ذلك فهو مذهب مالك قال أبو عمر لما رخص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل بالرمي في الليل دل ذلك على أن الرمي بالليل غيره أفضل منه لأن الليل لا يجوز فيه الرمي أصلا لإجماع العلماء أن الرمي للرعاء وغير الرعاء لا يجوز تأخيره حتى تخرج أيام التشريق فدل على أن الرمي في ليل التشريق رخصة للرعاء وأن الرمي بالنهار هو في الوقت المختار قال معمر سمعت الزهري يقول أرخص للرعاء أن يرموا ليلا وبن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء أن يرموا بالليل وقال مجاهد لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص لغير الرعاء وقال الزهري وعطاء من نسي أن يرمي نهارا في أيام منى فليرم في الليل يرمي في أيام منى بالليل والنهار فإن مضت أيام منى أهراق دما وقال عطاء إذا غابت الشمس من أيام التشريق فقد انقطع الرمي وقد روي أن الرمي يفوت بطلوع الفجر من آخر أيام التشريق وهي رواية شاذة قال عروة من فاته الرمي في أيام التشريق بعد زوال الشمس إلى آخر غروب الشمس وأما قولهم من ترك الرمي إلى أن غربت الشمس فقال مالك من لم يرم حتى الليل رمى ساعة ذكر من ليل أو نهار
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»