الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٤١
وذهبت طائفة من أهل الحديث [إلى] أنه لا بأس بركوب الهدي على كل حال على ظاهر هذا الحديث والذي ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وأكثر الفقهاء كراهية ركوب الهدي من غير ضرورة وكذلك كره مالك شرب لبن البدنة وإن كان بعد ري فصيلها قال فإن فعل ذلك فلا شيء عليه وقال أبو حنيفة والشافعي إن نقصها الركوب أو شرب لبنها فعليه قيمة ما شرب من لبنها وقيمة ما نقصها الركوب وحجة من ذهب هذا المذهب أن ما خرج لله فغير جائز الرجوع في شيء منه ولا الانتفاع فإن اضطر إلى ذلك جاز له لحديث جابر في ذلك حدثناه عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني أبو داود قال حدثني أحمد بن حنبل قال حدثني يحيى بن سعيد عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سألت جابر بن عبد الله عن ركوب الهدي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا وحجة مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أذن في ركوب الهدي عند الحاجة إليه كان ذلك منه بيانا أن ذلك جائز فيما يخرج لله ولو وجب في ذلك شيء لبينه صلى الله عليه وسلم فهو يبين عن الله تعالى مراده وقد سكت عن إيجاب شيء من ذلك وما سكت عن ذلك فهو عفو منه والذمة بريئة إلا بيقين وأما قوله ويلك فمخرجه الدعاء عليه إذ أبى من ركوبها في أول مرة وقال له إنها بدنة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنها بدنة فكأنه قال له الويل لك في مراجعتك أيامي فيما لا تعرف وأعرف وكان الأصمعي يقول ويلك كلمة عذاب وويحك كلمة رحمة وذكر مالك في آخر هذا الباب 808 - عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبا غير فادح وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»