الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٧٠
510 - مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول (وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي) فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودية يبكي عليها أهلها فقال إنكم لتبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال منهم قائلون معناه أن يوصي بذلك الميت فيعذب حينئذ بفعل نفسه لا بفعل غيره وقال آخرون معناه أن يمدح الميت في ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية أو نحوه من الفتكات والغدرات والغارات والقدرة على الظلم وشبه ذلك من الأفعال التي هي عند الله ذنوب فهم يبكونه لفقدها ويمدحونه بها وهو يعذب من أجلها وقال آخرون في هذا الحديث وفي مثله النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود ونوع هذا من أنواع النياحة وأما بكاء العين فلا وذهبت عائشة (رضي الله عنها) إلى أن أحدا لا يعذب بفعل غيره وهو الأمر المجتمع عليه لقول الله عز وجل * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * [الأنعام 164] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لآبي رمثة في ابنه إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك (1) وقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر والمغيرة بن شعبة وغيرهم أنه قال يعذب الميت بما نيح عليه (2) وقد ذكرنا الآثار بذلك من طرق شتى في التمهيد
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»