الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
قال وقاله بن جريج عن عطاء وعمرو بن دينار وعن هشام بن حجير عن طاوس مثله وأما قوله صلى الله عليه وسلم وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ففيه معنيان أحدهما نفي وجوب الزكاة عما كان دون هذا المقدار والثاني وجوب الزكاة في هذا المقدار فما فوقه والوسق ستون صاعا بإجماع من العلماء بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والصاع أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم ومده زنة رطل وثلث وزيادة شيء لطيف بالرطل البغدادي وهو رطل الناس في آفاق الإسلام اليوم وعلى هذا جمهور العلماء وإلى هذا رجع أبو يوسف حين ناظره مالك في المد وأتاه بمد أبناء المهاجرين والأنصار بما ذكره وراثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكان هو وأصحابه قبل ذلك يقولون في زنة مد النبي صلى الله عليه وسلم رطلان ويقولون في الصاع والصحيح ما قاله أهل الحجاز أن الصاع خمسة أرطال وثلث والمد رطل وثلث وقد بينا الآثار بما ذهب إليه أهل الحجاز في رواية المد والصاع في التمهيد وقد اختلف في معنى زنة المد الذي مبلغه رطل وثلث فقيل هو بالماء وقيل هو بالبر المتوسط فمبلغ الخمسة الأوسق ألف مد ومائتي مد بالمد المدني مد النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورثه أهل الحجاز وهي بالكيل القرطبي عندنا خمسة وعشرون قفيزا على حساب كل قفيز ثمانية وأربعون مدا وإن كان القفيز اثنين وأربعين مدا كما زعم جماعة من الشيوخ عندنا فهي ثمانية وعشرون قفيزا ونصف قفيز أو أربعة أسباع قفيز ووزن جميعها ثلاثة وخمسون ربعا وثلث ربع كل ربع منها من ثلاثين رطلا والأحوط عندي والأولى أن يكون النصاب خمسة وعشرين قفيزا بكيل قرطبة هو هذا المقدار الذي لا تجب الزكاة فيما دونه وتجب فيه وفيما دونه كيلا بحساب ذلك من كل شيء عشرة وأما قوله من التمر فهو عندي جواب السائل سأله عن نصاب زكاة التمر فأجابه وسمع المحدث التمر فذكره على حسب ما سمعه وليس ذكر التمر بمانع من جري الزكاة في غير التمر بدليل الآثار والاعتبار والإجماع وحديث عمرو بن يحيى وهو أصحها ليس فيه ذكر التمر ولا غيره وعموم لفظه يقتضي أن كل ما يوسق إذا بلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة تمرا كان أو حبا وقد روى إسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»