الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٠١
وزاد بعضهم فيه ثم يقوم فيصلي ويوتر رواه الليث بن سعد وغيره عن بن أبي مليكة وأما قولها أتنام قبل أن توتر يا رسول الله فقيل إن عائشة لم تعرف النوم قبل الوتر لأن أباها أبا بكر رضي الله عنه كان لا ينام حتى يوتر وكان يوتر أول الليل وهذا عنه محفوظ معلوم قد ذكرنا الخبر به في موضعه فلذلك والله أعلم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتنام قبل أن توتر لأنها رأت أباها لا يفعل ذلك وكانت صبية فيها يقظة أما قوله صلى الله عليه وسلم جوابا لها إن عيني تنامان ولا ينام قلبي فتلك من علياء مراتب الأنبياء صلوات الله عليهم وذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ولهذا والله أعلم قال بن عباس رؤيا الأنبياء وحي لأن الأنبياء يفارقون سائر البشر في نوم القلب ويساووهم في نوم العين ولو تسلط النوم على قلوبهم كما يصنع بغيرهم لم تكن رؤياهم إلا كرؤيا من سواهم وقد خصهم الله من فضله بما شاء أن يخصهم به ومن هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ ثم يصلي ولا يتوضأ لأن الوضوء من النوم إنما يجب لغلبة النوم على القلب لا على العين فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يساوي أمته في الوضوء من الحدث ولا يساويهم في الوضوء من النوم كما لم يساويهم في وصال الصوم وغيره مما جرت عادتهم به فإن قيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ من النوم قيل كان يتوضأ لكل صلاة وما جاء عنه قط أنه قال وضوئي هذا من النوم وليس ببعيد أن يتوضأ إذا خامر النوم قلبه وذلك نادر كنومه في سفره عن صلاة الصبح ليسن لأمته أن الصلاة لا يسقطها خروج الوقت وإن كان مغلوبا بنوم أو نسيان وهذا واضح والله المستعان روى حماد بن سلمة عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى سمع غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ (1) قال عكرمة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محفوظا
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»