الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٩٩
من الليل ثلاث عشرة ركعة كان يصلي ثمان ركعات وأربع ركعات ويوتر بركعة واحدة (1) وروى الدراوردي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة تسعا قائما واثنتين جالسا واثنتين بين النداءين (2) وحديث مالك أثبت من هذين الحديثين وأما قوله يصلي أربعا ثم يصلي ثلاثا فذهب قوم إلى أن الأربع لم يكن بينها سلام وكذلك الأربع بعدها وقال آخرون لم يجلس إلا في آخر الأربع ثم في الأربع ثم أوتر بثلاث وذهب فقهاء الحجاز وبعض أهل العراق إلى أنه كان يسلم في كل ركعتين منها على ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فمن ذهب إلى هذا تأول في قوله يصلي أربعا ثم أربعا أي حسنهن وطولهن ورتل القرآن فيهن وكذلك أيضا فعل في الأربع بعدهن حسنهن وطولهن ثم الثلاث بعدهن لم يبلغ فيهن من الطول ذلك المبلغ لكنه سلم في كل ركعتين من صلاته تلك كلها فهذا معنى أربعا ثم أربعا ثم ثلاثا عند هؤلاء وحجتهم صلاة الليل مثنى مثنى ولا يقال للظهر ولا للعصر مثنى وإن كان فيها جلوس واختصار اختلافهم في صلاة التطوع بالليل أن مالكا والشافعي وبن أبي ليلى وأبا يوسف ومحمدا قالوا في صلاة الليل مثنى مثنى والحجة لهم ما قدمنا من تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته بالليل من كل ركعتين وقوله صلاة الليل مثنى مثنى وذلك يقتضي الجلوس والتسليم في كل ركعتين وقال أبو حنيفة في صلاة الليل إن شئت ركعتين وإن شئت أربعا وإن شئت ستا وثمانيا لا تسليم إلا في آخرهن
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»