الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٠٥
وقال آخرون جائز لكل من افتتح الصلاة وحده أن يكون إماما لمن ائتم به في تلك الصلاة وإن لم ينو ذلك عند افتتاحها لأن الإمامة والجماعة في الصلاة فعل خير لم يمنع الله منه ولا رسوله ولا اتفق الجميع عليه وقال آخرون أما المؤذن والإمام إذا أذن فقد دعا الناس إلى الصلاة ثم انتظر فلم يأته أحد فتقدم وصلى وحده فدخل رجل فجائز له أن يدخل معه في صلاته ويكون إمامه لأنه قد دعا الناس إلى الصلاة ونوى الإمامة والقول في هذا الحديث كالقول فيما مضى من صلاته صلى الله عليه وسلم وأما قوله فصلى ركعتين ثم ركعتين فمحمول عندنا على أنه كان يجلس في كل ركعتين ويسلم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى وبما ذكرنا في حديث عائشة من أنه كان يسلم في كل ركعتين من صلاته بالليل وقوله فيه بعد ثنتي عشرة ركعة ثم أوتر دليل على أن الوتر واحدة منفصلة مما قبلها وسنبين ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى وأما قوله فيه ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فصلى ركعتين خفيفتين فقد ذكرنا معنى الاضطجاع بعد الوتر ومن جعله بعد ركعتي الفجر وما في ذلك للعلماء فلا وجه لإعادته هنا ورواية مالك في رواية بن عباس هذا بمعنى روايته في حديث عائشة على ما وصفنا في هذا الباب وأما قول بن عباس في هذا الحديث فقمت إلى جنبه يعني إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني يفتلها فمعناه أنه قام عن يساره فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله عن يمينه وهذا المعنى لم يقمه مالك في حديثه وقد ذكره أكثر رواة هذا الحديث عن كريب وقد ذكرنا الروايات بذلك في التمهيد من طرق كثيرة من حديث مخرمة بن سليمان وعمرو بن دينار وسلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت كلهم عن كريب عن بن عباس ومن حديث سعيد بن جبير أيضا عن بن عباس وكلهم يصف المعنى الذي ذكرنا وهي سنة مسنونة مجتمع عليها في الإمام إذا قام معه واحد أنه لا يقوم إلا عن يمينه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»