الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٠٠
خروجهم جملة على الإسلام لأن التماري الشك فإذا وقع الشك في خروجهم لم يقطع عليهم بالخروج الكلي من الإسلام واحتج من ذهب هذا المذهب بلفظة رويت في بعض الأحاديث الواردة فيهم وفي قوله صلى الله عليه وسلم يخرج فيكم قوم من أمتي فلو صحت هذه اللفظة [كانت] شهادة منه (عليه السلام) أنهم من أمته حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا مجالد قال حدثنا أبو الوداك واسمه جبر بن نوف قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج قوم من أمتي عند فرقة أو قال عند اختلاف من الناس يقرؤون القرآن كأحسن ما يقرأه الناس ويرعونه كأحسن ما يرعاه الناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يرمي الرجل الصيد فينفذ الفرث والدم فيأخذ السهم فيتمارى أصابه شيء أم لا [هم] شر الخلق والخليقة تقتلهم أولى الطائفتين بالله أو أقرب الطائفتين إلى الله (1) قال بعض العلماء في هذا الحديث معنى قوله يخرج قوم من أمتي أي في دعواهم قال أبو عمر أكثر طرق الأحاديث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب إنما فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تلتقي من أمتي فئتان أو تقتتل من أمتي فئتان فبينا هم كذلك إذ مرقت مارقة بينهما يقتلها أولى الطائفتين بالحق (2) وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في التمهيد قال الأخفش شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مروقهم من الدين برمية الرامي الشديد الساعد الذي رمى الرمية فأنفذها سهمة وقع في جانب منها وخرج من الجانب الآخر لشدة رميته فلم يتعلق بالسهم دم ولا فرث وكأن الرامي أخذ السهم فنظر في نصله وهو الحديدة التي في السهم فلم ير شيئا من دم ولا فرث ثم نظر في القدح والقدح عود السهم فلم ير شيئا ونظر في الريش فلم ير شيئا وقوله يتمارى في الفوق أي يشك إن كان أصاب الدم الفوق أم لا والفوق هو الشيء الذي يدخل فيه الوتر قال يقول فكما يخرج السهم نقيا من الدم لم يتعلق به منه شيء فكذلك يخرج هؤلاء من الدين يعني الخوارج
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»