الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٩٩
(ألا طرقت من آل بثنة طارقة * على أنها معشوقة الدل عاشقة (1)) (تبيت وأرض السوس بيني وبينها * وسولاف رستاق خمته الأزارقة) (إذا نحن شئنا صادفتنا عصابة * حرورية أضحت من الدين مارقه) والحرورية منسوبة إلى حروراء خرج فيه أولهم على علي رضي الله عنه فقاتلهم بالنهروان وأظهره الله عليهم فقتل منهم ألوفا وهم قوم استحلوا بما تأولوا من كتاب الله (عز وجل) دماء المسلمين وكفروهم بالذنوب وحملوا عليهم السيف وخالفوا جماعتهم فأوجبوا الصلاة على الحائض ولم يروا على الزاني المحصن الرجم ولم يوجبوا عليه إلا الحد مائة ولم يطهرهم عند أنفسهم إلا الماء الجاري أو الكثير المستبحر إلى أشياء يطول ذكرها قد أتينا على ذكر أكثرها في غير هذا الموضع فمرقوا من الدين بما أحدثوا فيه مروق السهم من الرمية كما قال وقد ذكرنا في التمهيد الحكم فيهم عند العلماء روى بن وهب وغيره عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال ذكرت الخوارج واجتهادهم يعني في الصلاة والصيام وتلاوة القرآن عند بن عباس فقال ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يضلون وأما قوله يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم فمعناه أنهم لم ينتفعوا بقراءته إذ تأولوه على غير سبيل السنة المبينة له وإنما حملهم على جهل السنة ومعاداتها وتكفيرهم السلف ومن سلك سبيلهم وردهم لشهاداتهم ورواياتهم تأولوا القرآن بآرائهم فضلوا وأضلوا فلم ينتفعوا به ولا حصلوا من تلاوته إلا على ما يحصل عليه الماضغ الذي يبلع ولا يجاوز ما في فيه من الطعام حنجرته وأما قوله يمرقون من الدين فالمروق الخروج السريع كما يخرج السهم من الرمية والرمية الطريدة من الصيد المرمية مثل المقتولة والقتيلة قال الشاعر (النفس موقوفة والموت غايتها * نصب الرمية للأحداث ترميها) وقال أبو عبيد كما يخرج السهم من الرمية قال يقول خرج السهم ولم يتميز بشيء كما خرج هؤلاء من الإسلام ولم يتمسكوا منه بشيء وقال غيره قوله في الحديث ويتمارى في الفرق في الفرق دليل على الشك في
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»