الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٩٨
النصل (1) فلا ترى شيئا وتنظر في القدح (2) فلا ترى شيئا وتنظر في الريش فلا ترى شيئا وتتمارى (3) في الفوق (4) الحديث على ما في الموطأ وهو حديث مسند صحيح يروى من وجوه كثار صحاح ثابتة بمعان متقاربة وإن اختلف بعض ألفاظها وقد ذكرت كثيرا منها في التمهيد فأول ما في حديث مالك هذا من المعاني أن الخوارج على الصحابة (رضي الله عنهم) إنما قيل لهم خوارج لقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يخرج فيكم ومعنى قوله فيكم أي عليكم كما قال تعالى * (في جذوع النخل) * [طه 71] أي عليكم كما قال تعالى * (جذوع النخل) * وكان خروجهم ومروقهم في زمن الصحابة فسموا الخوارج وسموا المارقة بقوله في هذا الحديث يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وبقوله (عليه السلام) تقتتل طائفتان من أمتي تمرق منهما مارقة تقتلها أولى الطائفتين بالحق (5) فهذا أصل ما سميت به الخوارج والمارقة ثم استمر خروجهم على السلاطين فأكدوا الاسم ثم افترقوا فرقا لها أسماء منهم الإباضية أتباع عبد الله بن إباض والأزارقة أتباع نافع بن الأزرق والصفرية أتباع النعمان زياد بن الأصفر وأتباع نجدة الحروري يقال لهم النجدات ولم يقل فيهم النجدية وما أظن ذلك والله أعلم إلا ليفرق بين ما انتسب إلى بلاد نجد وبينهم وفرق سواها يطول ذكرها وليس هذا موضعه وهم يتسمون بالشراة (6) ولا يسميهم بذلك غيرهم بل أسماؤهم التي ذكرناها عنهم مشهورة في الأخبار والأشعار قال عبد الله بن قيس الرقيات
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»