الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٨٤
ومنها ما يتغير معناه من الحروف واختلافها ولا تتغير صورته مثل قوله * (إلى العظام كيف ننشزها) * و (ننشرها) [البقرة 259] ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه كقولك * (كالعهن المنفوش) * و (كالصوف) [القارعة 5] ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل قوله " وطلع منضود " و (طلح منضود) [الواقعة 29] ومنها بالتقديم والتأخير مثل * (وجاءت سكرة الموت بالحق) * [ق 19] و (جاءت سكرة الحق بالموت) ومنها بالزيادة والنقصان مثل * (تسع وتسعون نعجة) * [ص 23] و [(تسع وتسعون نعجة) أنثى] قال أبو عمر قد ذكرت في التمهيد أمثلة كثيرة لما ذكر هذا القائل في كل وجه من الوجوه السبعة وذكرت من قرأ بذلك كله من السلف بمثل قوله في الزيادة (نعجة أنثى) قوله " وأما الغلم فكان أبواه مؤمنين " [الكهف 80] وقوله " فإن الله من بعد إكرههن غفور رحيم " [النور 33] وهو كثير والذي أقول به إن جمع عثمان (رضي الله عنه) في جماعة الصحابة (رضوان الله عليهم) القرآن على حرف واحد بكتابة زيد بن ثابت إنما حملهم على ذلك ما اختلف فيه أهل العراق وأهل الشام حين اجتمعوا في بعض المغازي فخطأت كل طائفة منهم الأخرى فيما خالفتها فيه من قراءتها وصوبت ما تعلم من ذلك وكان أهل العراق قد أخذوا عن بن مسعود وأهل الشام قد أخذوا عن غيره من الصحابة فخاف الصحابة (رحمهم الله) من ذلك الاختلاف لما كان عندهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن الاختلاف في القرآن وأن المراء فيه كفر وقد كانت عامة أهل العراق وعامة أهل الشام هموا بأن يكفر بعضهم بعضا تصويبا لما عنده وإنكارا لما عند غيره فاتفق رأي الصحابة وعثمان (رضوان الله عليهم) على أن يجمع لهم القرآن على حرف واحد من تلك السبعة الأحرف إذ صح عندهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كلها شاف كاف (1) فاكتفوا (رحمهم الله) بحرف واحد
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»