الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٨٣
وروى الأعمش عن أبي وائل عن بن مسعود قال إني سمعت القراءة فرأيتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول أحدكم هلم وتعال وروى ورقاء عن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ " للذين ءامنوا انظرونا " [الحديد 13] (للذين آمنوا أمهلونا للذين آمنوا أخرونا للذين آمنوا ارقبونا) وبهذا الإسناد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * [البقرة 20] (مروا فيه سعوا فيه) كل هذه الحروف كان يقرؤها أبي بن كعب فهذا معنى السبعة الأحرف المذكورة في الأحاديث عند جمهور أهل الفقه والحديث ومصحف عثمان (رضي الله عنه) الذي بأيدي الناس هو منها حرف واحد ذكر بن أبي داود قال حدثنا أبو الطاهر قال سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءات المدنيين والعراقيين اليوم هل تدخل في الأحرف السبعة فقال لا إنما السبعة الأحرف كقولك أقبل هلم تعالى أي ذلك قلت أجزأك قال أبو الطاهر وقاله بن وهب وبه قال محمد بن جرير الطبري قال أبو جعفر الطحاوي في ذلك كلاما ذكرته عنه في التمهيد مختصرة أن الأحرف السبعة إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك لأن كل [ذي] لغة كان يشق عليه أن يتحول عن لغته ثم لما كثر الناس والكتاب ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم الأحرف السبعة وعاد ما يقرأ به إلا حرف واحد واحتج بحديث أبي بن كعب وحديث عمر مع هشام بن حكيم وما يشبهها قد ذكرتها وأمثالها في التمهيد وقال بعض المتأخرين من أهل العلم باللغة والقرآن ومعانيه تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة الأولى يعني الأحرف السبعة فوجدتها سبعة أنحاء منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل " هن أطهر لكم " [هود 78] و (أطهر لكم) * (ويضيق صدري) * [الشعراء 13] و (يضيق) ونحو هذا ومنها ما يتغير معناه ويزول الإعراب ولا تتغير صورته مثل قوله " ربنا بعد بين أسفارنا " [سبأ 19] (ربنا باعد بين أسفارنا
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»