الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١١٧
وقد بينا موضع الاختيار في الفضائل والمباحات وبالله العصمة والتوفيق 242 وأما سؤال الرجل عبد الله بن عمر عن الوتر أواجب هو وجواب بن عمر له أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوتر المسلمون فردد عليه الرجل السؤال فلم يزده على هذا الجواب ففيه دليل على أن الوتر ليس بواجب ولو كان واجبا عنده لأفصح له بوجوبه ولكنه أخبره بما دله على أنه سنة معمول بها ليدفع عنه تأويل الخصوص في ذلك والنسخ لأن في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة فلما تلقى المسلمون علمه ذلك بالاتباع بان بأنه لم يخص به نفسه كالوصال في الصيام وما أشبهه وقد روى عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أنه سأل عبادة بن الصامت عن الوتر فقال أمر حسن جميل قد عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده 243 وأما حديث مالك عن نافع قال كنت مع بن عمر بمكة والسماء مغيمة فخشي عبد الله بن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم فرأى أن عيله ليلا فشفع بواحدة ثم صلى ركعتين ركعتين فلما خشي الصبح أوتر بواحدة فقد روى عن بن عمر هذا المذهب في شفع الوتر بعد النوم من وجوه روى الثوري عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أنه كان يشفع وتره ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر وروى الشعبي عن بن عمر مثله وهذه مسألة يعرفها أهل العلم بمسألة نقض الوتر وقد روى مثل قول بن عمر في ذلك عن علي وعثمان وبن مسعود وأسامة ولم يختلف عنهم في ذلك واختلف فيها عن بن عباس وسعد بن أبي وقاص وقال بمذهب بن عمر في ذلك جماعة منهم عروة بن الزبير ومكحول وعمرو بن ميمونة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»