الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١١٦
وهو أمر مجتمع عليه لا مدخل للقول فيه لأن الوتر من صلاة الليل وصلاة الليل لا وقت لها محدود وإنما الأوقات للمكتوبات فما فعل الإنسان من ذلك فحسن وسيأتي القول في آخر وقت الوتر في باب الوتر بعد الفجر إن شاء الله تعالى قالت عائشة رضي الله عنها من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى وتره إلى السحر وعن عائشة أيضا قالت ربما أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الليل وربما أوتر آخره (1) وأما اختيار سعيد فعل أبي بكر رضي الله عنه دون فعل عمر رضي الله عنه مع علمه بفضل الصلاة في السحر فلأن الأخذ بالحزم في أمور الدين والدنيا خوف غلبة النوم فيصبح على غير وتر وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا استيقظ وقد كان أوتر يصلي ركعتين ركعتين بعد أن أحرز وتره وقد كان من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر وأبي الدرداء وأبي هريرة أن لا ينام أحدهم إلا على وتر (2) وحسبك بهذا حجة لاختيار سعيد فعل أبي بكر وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر له فعل أبي بكر في الوتر وفعل عمر فقال حذر هذا يعني أبا بكر وقوي هذا يعني عمر ولم يفضل فعل واحد منهما ولا أنكر عليه لعلمه بأنهما قد اجتهدا جهدهما 241 وقول عائشة رضي الله عنها من خشي أن ينام حتى يصبح فليوتر قبل أن ينام ومن رجا أن يستيقظ آخر الليل فليؤخره وتره تفسير لحديث أبي بكر وعمر في ذلك إلا أن قولها ومن رجا أن يستيقظ فالرجاء قد نفع المرجو منه وقد لا يقع ففعل أبي بكر واختيار سعيد ليس بمدفوع بقولها ولكل وجه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»