الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٩
الصلاة من هذا الكتاب (2) والحمد لله وقد مضى في ((التمهيد)) أيضا اختلافهم فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل في صلاته وهو بمكة وذلك على قولين عن السلف مرويين أحدهما أنه كان يستقبل بمكة الكعبة لصلاته على ما كانت عليه صلاة إبراهيم وإسماعيل فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ثم وجهه الله إلى الكعبة وهذا أصح القولين عندي لما حدثناه سعيد بن نصر وأحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان قالوا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا عبد الله بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال كان أول ما نسخ الله من القرآن القبلة وذلك أن النبي - عليه السلام - لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله بضعة عشر شهرا وكان عليه السلام - يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إليها فأنزل الله * (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها) * إلى قوله * (فولوا وجوهكم شطره) * [البقرة 144] يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله تعالى * (قل لله المشرق والمغرب) * [البقرة 142] وقال * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * [البقرة 115] وقال تعالى * (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) * (2) [البقرة 143] قال بن عباس ليميز أهل اليقين من أهل الشك والريبة وقال تعالى * (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) * [البقرة 143] يعني تحويلها على أهل الشك لا على الخاشعين يعني المصدقين بما أنزل الله وحدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن سليمان
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»