الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٨
السلام - أن الصلاة فرضت في أول ما فرضت أربعا إلا المغرب فإنها فرضت ثلاثا والصبح ركعتين وكذلك قال الحسن البصري في رواية وهو قول بن جريج وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك القشيري ما يدل على ذلك وهو قوله إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة (1) ووضع لا يكون إلا من تمام قبله وفي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب قال فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين (2) وقد ذكرنا هذا الخبر في باب قصر الصلاة وذكرنا علة إسناده وهو حديث حسن فدل هذا كله على أن القصر كان من أربع إلى اثنتين وعلى أن الأصل كان أربعا لا ركعتين والله أعلم فإن قيل إن حديث عائشة صحيح من جهة النقل وهو أصح إسنادا من حديث القشيري وغيره وأصح من حديث بن عباس فالجواب أنا لا حاجة بنا إلى أصل الفرض إلا من طريق القصر ولا وجه لقول من قال إن حديث عائشة يعارضه قول الله تعالى " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلواة " [النساء 101] وقد أجمع العلماء أنه لا يكون القصر من ركعتين في شيء من السفر في الأمن لأن حديث عائشة قد أوضح أن الصلاة زيد فيها في الحضر ومعلوم أن الفرض فيها كان بمكة والزيادة كانت بالمدينة وأن سورة النساء متأخرة فلم يكن القصر مباحا إلا بعد تمام الفرض وذلك يعود إلى معنى واحد في أن القصر إنما ورد بعد تمام الصلاة أربعا ولا حاجة إلى أصل الفرض اليوم لأن الإجماع منعقد بأن صلاة الحضر تامة غير مقصورة وبالله التوفيق وقد أوضحنا هذا المعنى في حديث مالك عن صالح بن كيسان في باب قصر
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»