الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٧٧
فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سقوط الإثم عنهما غير مسقط لما لزمهما من فرض الصلاة وأنها واجبة عليهما عند الذكر لها يقضيها كل واحد منهما بعد خروج وقتها إذا ذكرها ولم يحتج إلى ذكر العامد معهما لأن العلة المتوهمة في الناسي والنائم ليست فيه ولا عذر له في ترك فرض قد وجب عليه من صلاته إذا كان ذاكرا له وسوى الله - تعالى - في حكمه على لسان نبيه بين حكم والصلاة الموقوتة والصيام الموقوت في شهر رمضان - بأن كل واحد منهما يقضى بعد خروج وقته فنص على النائم والناسي في الصلاة لما وصفنا ونص على المريض والمسافر في الصوم وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم رمضان عامدا وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشرا وبطرا تعمد ذلك ثم تاب عنه - أن عليه قضاءه فكذلك من ترك الصلاة عامدا فالعامد والناسي في القضاء للصلاة والصيام سواء وإن اختلفا في الإثم كالجاني على الأموال المتلف لها عامدا وناسيا إلا في الإثم وكان الحكم في هذا الشرع بخلاف رمي الجمار في الحج التي لا تقضى في غير وقتها لعامد ولا لناس فوجوب الدم فيها ينوب عنها وبخلاف الضحايا أيضا لأن الضحايا ليست بواجبة فرضا والصلاة والصيام كلاهما فرض واجب ودين ثابت يؤدى أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((دين الله أحق أن يقضى)) (1) وإذا كان النائم والناسي للصلاة - وهما معذوران - يقضيانها بعد خروج وقتها كان المتعمد لتركها المأثوم في فعله ذلك أولى بالا يسقط عنه فرض الصلاة وأن يحكم عليه بالإتيان بها لأن التوبة من عصيانه في تعمد تركها هي أداؤها وإقامة تركها مع الندم على ما سلف من تركه لها في وقتها
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»