الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٧٥
والسري سير الليل ومشيه وهو لفظة مؤنثة وسرى وأسرى لغتان قرئ بهما ولا يقال لسير النهار سرى ومنه المثل السائر عند الصباح يحمد القوم السرى والتعريس نزول آخر الليل ولا تسمي العرب نزول أول الليل تعريسا وقوله اكلأ لنا الصبح أي أرقب لنا الصبح واحفظ علينا وقت صلاته وأصل الكلء الحفظ والمنع والرعاية وهي لفظة مهموزة قال الله تعالى * (قل من يكلؤكم بالليل والنهار) * [الأنبياء 42] أي يحفظكم ومنه قول بن هرمة (إن سليمى والله يكلؤها (1 *) وفي هذا الحديث إباحة المشي على الدواب بالليل وذلك على قدر الاحتمال ولا ينبغي أن يصل المشي عليها ليلا ونهارا وقد أمر - عليه السلام - بالرفق بها وأن ينجى عليها بنقيها وفيه أمر الرفيق بما خف من الخدمة والعون في السفر وذلك محمول على العرف في مثله وإنما قلنا بالرفيق ولم نقل بالمملوك لأن بلالا كان حرا يومئذ قد كان أبو بكر أعتقه بمكة وكانت خيبر سنة ست من الهجرة وقد أوضحنا في ((التمهيد)) معنى نوم النبي - عليه السلام - عن صلاته في سفره حتى طلعت الشمس مع قوله - عليه السلام - ((إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) (2) والنكتة في ذلك أن الأنبياء - عليهم السلام - تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ولذلك كانت رؤيا الأنبياء وحيا وكذلك قال بن عباس رؤيا الأنبياء وحي وتلا * (افعل ما تؤمر) * [الصافات 102] وقد روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا)) وقد ذكرنا الحديث بذلك في ((التمهيد
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»