الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٣٣
تعرض لي تصاويره في صلاتي (1) وروى علي بن المدني قال حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان عن خارجة بن زيد بن ثابت قال سمعت معاذا القارئ يسأل أبي زيد بن ثابت عن الرجل يصلي والرجل في قبلته مستقبله بوجهه فقال إني ما أبالي أعمود من عمد المسجد استقبلني في صلاتي أو استقبلني رجل إن الرجل لا يقطع صلاة الرجل قال أبو عمر إنما كرهه من كرهه خشية أن يشغله النظر إليه عن شيء من صلاته وربما كان منه ما يشغل المصلي الذي يستقبله 191 - وأما حديثه في هذا الباب عن عبد الله بن أبي بكر [بن محمد بن عمرو بن حزم] أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائطه (2) فطار دبسي (3) فطفق يتردد يلتمس مخرجا فأعجبه ذلك فجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى فقال لقد أصابتني في مالي هذا فتنة وذكر تمام الخبر فإن من لم يدر كم صلى لشغل شغل نفسه أو لما شاء الله من نحو ذلك - فإن السنة قد أحكمت فيه أن يبني على يقينه على ما تقدم في حديث أبي سعيد وغيره وفي هذا الحديث دليل على ما كان عليه أبو طلحة من خوف الله والبدار (4) إلى طاعته ولن يتقرب إلى الله بعد الفرائض بمثل الصدقات فإنها تطفئ غضب الله وتصرف من مصارع السوء إن شاء الله وأما قوله لقد أصابني في مالي هذا فتنة فإن الفتنة هنا ما بلغ به من شغل نفسه حتى لم يدر كم صلى وكل من أصابته مصيبة في دينه فقد فتن على قدر تلك المصيبة وللفتنة في اللغة والشريعة وجوه قد ذكرتها في التمهيد وفيه دليل أن ما جعل الله مطلقا ولم يعين السبيل من سبل الله ما هي أن
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 » »»