ولو صح للمخالفين ما ادعوه من نسخ حديث أبي هريرة بتحريم الكلام في الصلاة لم يكن لهم في ذلك حجة لأن النهي عن الكلام في الصلاة إنما توجه إلى العامد القاصد لا إلى الناسي لأن النسيان متجاوز عنه والناسي والساهي ليسا ممن دخل تحت النهي لاستحالة ذلك في النظر فإن قيل إنكم تجيزون الكلام في الصلاة عمدا إذا كان في شأن صلاحها قيل لقائل ذلك أجزناه من باب آخر قياسا على ما نهي عنه من التسبيح في غير موضعه من الصلاة وإباحته للتنبيه على ما أغفله المصلي من صلاة ليستدركه استدلالا بقصة ذي اليدين قال أبو عمر نزع أبو الفرج وغيره من أصحابنا بما وصفنا وليس ذلك عندي بشيء لأن التسبيح لا يقاس بالكلام لأن الصلاة محرم فيها الكلام ومباح فيها التسبيح وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) (1) يريد ولا يتكلم وقال ((صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح وتلاوة القرآن)) (2) وقد نهى عن القراءة في الركوع ولو قرأ في الركوع أحد لم تفسد صلاته وأما أصحاب أبي حنيفة الذين لم يجيزوا الكلام في شأن إصلاح الصلاة فيلزمهم ألا يجيزوا المشي للراعف والخروج من المسجد للوضوء وغسل الدم في الصلاة لضرورة الرعاف فإن أجازوا ذلك فليجيزوا الكلام في شأن إصلاح الصلاة والله أعلم وممن قال من السلف بمعنى حديث ذي اليدين ورأى البناء جائزا لمن تكلم في صلاته وهو يظن أنه ليس في صلاة عبد الله بن عباس وبن الزبير وعروة وعطاء والحسن وقتادة والشعبي وروي أيضا عن الزبير بن العوام وأبي الدرداء وروي مثل قول الكوفين في هذا الباب عن إبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وقتادة على اختلاف عنه
(٥١١)