الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٠٥
صاحبه في الحاجة حتى نزلت * (وقوموا لله قانتين) * [البقرة 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ومعلوم أن سورة البقرة مدينة فالجواب أن بن مسعود ممن هاجر من مكة إلى أرض الحبشة في جماعة من هاجر إليها من الصحابة وأنه من الجماعة المنصرفين من الحبشة إلى مكة حين بلغهم أن قريشا دخلوا في الإسلام وكان الخبر كاذبا فأقبلوا إلى مكة في حين كون بني هاشم وبني المطلب في الشعب ووجدوا قريشا أشد ما كانوا على النبي وأصحابه ثم أمره رسول الله فيمن امر من أصحابه بالهجرة إلى المدينة (فهاجر إلى المدينة) ثم شهد بدرا مع من شهدها منهم إلا أن حديثه من رواية عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عنه أن رسول الله لم يرد عليه السلام يومئذ بمكة وهو يصلي فقال له ((إن الله أحدث ألا تكلموا في الصلاة)) قد وهم في ألفاظه عاصم وكان سيئ الحفظ عندهم كثير الخطأ لا يحتج بحديثه فيما خولف فيه وحديثه حدثناه سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال كنا نسلم على النبي - عليه السلام - في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا فلما رجعنا سلمت عليه وهو يصلي فلم يرد علي فآخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى قضى النبي - عليه السلام - صلاته فقال يا رسول الله سلمت عليك وأنت تصلي فلم ترد على فقال ((إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة)) (1) قال سفيان هذا أجود ما وجدنا عند عاصم في هذا الوجه قال أبو عمر قد روى هذا الحديث شعبة عن عاصم على خلاف معنى حديث بن عيينة ولم يقل فيه إن ذلك كان منه في حين انصرافه من أرض الحبشة بل ظاهره ومساقه يحتمل أن يكون كان ذلك منه بالمدينة فيكون في معنى حديث بن أرقم حدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال أتيت النبي - عليه السلام - وهو يصلي فسلمت فلم يرد علي فلما قضى صلاته قال ((إن الله يحدث ما شاء وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 511 ... » »»