الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
وزعم الشافعي أن أذان أهل مكة لم يزل في آل أبي محذورة كذلك إلى وقته وعصره قال أصحابه وكذلك هو حتى الآن عندهم وذهب مالك وأصحابه إلى أن التكبير في أول الأذان مرتين وقد روي ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي محذورة وفي أذان عبد الله بن زيد والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ إلى زمانهم واتفق مالك والشافعي على الترجيع في الأذان وذلك رجوع المؤذن إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين [رجع] فمد صوته جهرة بالشهادتين مرتين ولا خلاف بين مالك والشافعي في الأذان إلا في التكبير في أوله فإن مالكا يقوله مرتين الله أكبر الله أكبر والشافعي يقوله أربع مرات ولا خلاف بينهما في الإقامة إلا في قوله قد قامت الصلاة فإن مالكا يقولها مرة والشافعي يقولها مرتين وأكثر العلماء على ما قال الشافعي وبه جاءت الآثار وأما الليث بن سعد فمذهبه في الأذان والإقامة كمذهب مالك سواء لا يخالفه في شيء من ذلك وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى والتكبير عندهم في أول الأذان وأول الإقامة الله أكبر أربع مرات قالوا كلهم ولا ترجيع في الأذان وإنما يقول أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم لا يرجع إلى الشهادة بعد ذلك ولا يمد صوته وحجتهم في ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد - عليه السلام - أن عبد الله بن زيد جاء إلى النبي - عليه السلام - فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط (1) فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى وقعد قعدة بينهما قال فسمع بذلك بلال فقام فأذن مثنى وقعد قعدة وأقام مثنى يشفعون الأذان والإقامة (2) وهو (3) قول جماعة التابعين والفقهاء بالعراق
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»