الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٦٤
إن الصلاة في الجمعة لا تجزيك بغير غسل ولا رأى ذلك عثمان واجبا عليه دليل واضح على أن غسل الجمعة ليس من فرائض الجمعة وسيأتي حديث عمر هذا من رواية مالك في غسل الجمعة إن شاء الله وأبين من هذا في هذا المعنى حديث سمرة وحديث أبي سعيد الخدري كلاهما عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وقد ذكرنا حديث أبي سعيد وحديث سمرة بن جندب كلاهما عن النبي عليه السلام بأسانيدهما وذكرنا من روى من الصحابة مثل حديثهما بإسناده أيضا في التمهيد والحمد لله فبان بذلك أن الغسل لصلاة الجمعة سنة وفضيلة لا فريضة وأبو سعيد هذا الذي روى عن النبي - عليه السلام ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) (1) قد روى [((ومن اغتسل] فالغسل أفضل)) وهذا كله يدل على أن أمره بالاغتسال للجمعة ندب وفضل وسنة لا واجب فرضا وسيأتي هذا المعنى واضحا أيضا في باب غسل الجمعة إن شاء الله وفي هذا الحديث أيضا الغسل للعيدين لقوله عليه السلام ((إن هذا يوم جعله الله عيدا فاغتسلوا)) والقول في غسل العيدين كالقول في غسل الجمعة إلا أن غسل الجمعة عند بعض أهل العلم آكد في السنة وفيه أخذ الطيب ومسه لمن قدر عليه يوم الجمعة وفي العيدين وذلك مندوب إليه حسن مرغب فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف خروجه برائحة الطيب إذا خرج إلى الصلاة وإذا مشى وقد قيل إن رائحته كانت تلك بلا طيب صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك إسحاق بن راهويه وقد قال عليه السلام - ((لا تردوا الطيب فإن طيب الريح خفيف المحمل
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»