الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٤٧
وأطبق عليها ولم تميز أقبال دم الحيضة من إدباره وانقطاعه وإقبال دم الاستحاضة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تترك الصلاة قدر أيامها التي كانت تحيضهن من الشهر ثم تغتسل ولم تذكر لها أيضا استطهارا والقول في الاستطهار هنا كالقول الذي مضى في حديث هشام سواء وقال أحمد بن حنبل في الحيض ثلاثة أحاديث اثنان ليس في نفسي منهما شيء أحدهما حديث هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش والثاني حديث نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة وأما الثالث الذي في قلبي منه شيء فحديث حمنة بنت جحش رواه عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش وقد ذكرناه في التمهيد فجعل أحمد حديث نافع عن سليمان بن يسار غير حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وقال مع أحمد جماعة غيره فلذلك قلنا إنهما حديثان في معنيين مختلفين على ما وصفنا وأما حديث مالك عن سليمان بن يسار فمعناه عند أهل العلم أنها كانت امرأة لا ينقطع دمها ولا ينفصل ولا ترى منه طهرا وقد زادها - على ذلك - على أيام كانت لها معروفة وتمادى بها فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لتعلم هل حكم ذلك الدم كحكم دم الحيض إذا كانت عندها وعند غيرها عادة دم الحيض أنه ينقطع فأجابها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرها إذا انقضت أيامها أو عدد أيامها أن تغتسل وتستثفر وتصلي وأجمع العلماء على أن للدماء الظاهرة من الأرحام ثلاثة أحكام أحدها دم الحيض يمنع الصلاة وتسقط الصلاة مع وجوده من غير إعادة لها على ما قدمناه عن جماعة العلماء والثاني دم النفاس عند الولادة وحكمه في الصلاة كحكم دم الحيض بإجماع وقد اختلف العلماء في مقداره كما اختلفوا في مقدار الحيض وسنبين ذلك كله إن شاء الله
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»