الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٢٩
لأن الثاني إذا كان من الأول كان ما بعد (إلى) داخلا فيما قبله فدخلت المرافق في الغسل لأنها من اليدين ولم يدخل الليل في الصيام بقوله * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * [البقرة 187] لأن الليل ليس من النهار كأنه يقول ما كان من الجنس دخل الحد منه في المحدود وما لم يكن من الجنس لم يدخل في المحدود منه حدة ومن لم يوجب غسلها حمل (إلى) على الغاية كقوله * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * وليس بشيء مما قدمنا من الحجة لقول الجمهور الذين لا يجوز عليهم جهل التأويل ولا تحريفه لأن القائلين بسقوط إدخال المرفقين في غسل الذراعين قليل وقولهم في ذلك كالشذوذ ومن غسل المرفقين مع الذراعين فقد أدى فرضة بيقين واليقين في أداء الفرائض واجب وأما المسح بالرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه على أنهم قد أجمعوا على أن اليسير لا يقصد إلى إسقاطه متجاوز عنه لا يضر المتوضئ وجمهورهم يقول بمسح الرأس مسحة واحدة موعبة كاملة لا يزيد عليها إلا الشافعي فإنه قال من توضأ ثلاثا مسح رأسه ثلاثا على ظاهر الحديث في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا وفي بعض الروايات عن عثمان في صفة وضوء رسول الله ثم يمسح رأسه ثلاثا وأكثرها على مرة واحدة وروى مسح الرأس ثلاثا عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير وعطاء وغيرهم وكان بن سيرين يقول يمسح رأسه مرتين وكان مالك يقول في مسح الرأس يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخرة ثم يردهما إلى مقدمه على حديث عبد الله بن زيد قال وهو أبلغ ما سمعت في مسح الرأس وهو قول الشافعي في أن حديث عبد الله بن زيد أحسن ما جاء في مسح الرأس وروي عن بن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ويدير ويعيد إلى حيث بدأ وفي حديث عبد الله بن زيد ((بدأ بمقدم رأسه)) وهو الذي ينبغي أن يمتثل ويحمل عليه
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»