وقد ذكرنا الآثار الواردة بهما في ((التمهيد)) فأما اختلاف العلماء في حكمهما فإن مالكا والشافعي وأصحابهما يقولون المضمضة والاستنثار سنة لا فريضة لا في الوضوء ولا في الجنابة وهذا قول الأوزاعي والليث بن سعد وبه قال محمد بن جرير الطبري وروي ذلك عن الحسن البصري وبن شهاب والحكم بن عتيبة ويحيى بن سعيد وقتادة فمن توضأ ولم يأت بهما ولا عملهما في وضوئه وصلى فلا إعادة عليه عند واحد من هؤلاء العلماء وحجة من لم يوجبهما أن الله لم يذكرهما في كتابه ولا أوجبهما رسوله ولا اتفق الجميع على إيجابهما والفرائض لا تثبت إلا من هذه الوجوه وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري هما فرض في الجنابة وسنة في الوضوء فإن تركهما في غسله من الجنابة وصلى أعاد كمن ترك لمعة ومن تركهما في وضوئه فلا شي عليه والحجة لهم قوله - عليه السلام ((تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر)) (1) وفي الأنف ما فيه من الشعر وأنه لا يوصل إلى غسل الأسنان والشفتين إلا بالمضمضة وقد قال عليه السلام ((العينان تزنيان والفرج يزني)) (2) ونحو ذلك إلى أشياء نزعوا بها تركت ذكرها وقال بن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان هما فرض في الغسل والوضوء جميعا وهو قول إسحاق بن راهويه وروي عن عطاء والزهري مثل ذلك أيضا وروي عنهما مثل قول مالك والشافعي
(١٢٣)