وروينا عن أبي الدرداء أنه قال:
لا تترك قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام جهر أو لم يجهر.
وفي هذا دلالة على أن ما روى كثير بن مرة من قوله: لا أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم. إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو أراد به أن يكفيهم قراءة السورة والجهر بالفاتحة.
وروينا عن عبادة بن الصامت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عباس وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مغفل وأبي هريرة وانس وعمران بن حصين وعائشة أنهم كانوا يأمرون بالقراءة خلف الإمام وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وهشام بن عامر انهما كانا يقرءان خلف الإمام.
وروينا عن زيد بن ثابت وابن عمر أنهما كانا لا يريان القراءة خلف الإمام.
وروينا عن ابن عمر من وجه آخر انه سئل عن ذلك فقال: إني لأستحي من رب هذه البنية أن أصلي صلاة لا اقرأ فيها بأم القرآن.
وكان بعضهم شاهد كراهيته لها حين صلى الظهر أو نهيه عنها حين صلى الصبح ثم لم يسمع استثناءه قراءة الفاتحة حين صلى الصبح.
فلذلك اختلفوا فالذين سمعوا الكراهية أو النهي دون الاستثناء حملها بعضهم على جميع الصلوات وبعضهم على صلاة يجهر فيها بالقراءة.
ومن سمع النهي والاستثناء حمل النهي والكراهية على الجهر بالقراءة في جميع الصلوات وعلى قراءة السورة فيما يجهر فيه بالقراءة دون قراءة الفاتحة سرا في / الصلوات كلهن.
ففيما روينا انه في صلاة الظهر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في حديث عمران بن حصين وغيره.
وفي صلاة الفجر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في حديث عبادة وغيره.
فهما قصتان يجوز أن يغيب عن إحداهما بعض من شهد الأخرى ويجوز أن