وقال أبو بكر بن أبي علي: سأل أبي أبا القاسم الطبراني عن كثرة حديثه، فقال: كنت أنام على البواري، ثلاثين سنة، قال أبو نعيم: قدم الطبراني أصبهان سنة تسعين ومئتين، ثم خرج، ثم قدمها فأقام بها محدثا ستين سنة.
قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: قال أبو أحمد العسال القاضي: إذا سمعت من الطبراني عشريين ألف حديث، وسمع منه أبو إسحاق بن حمزة ثلاثين ألفا، وسمع منه أبو الشيخ أربعين ألفا، كملنا.
قلت: هؤلاء كانوا شيوخ أصبهان مع الطبراني.
قال أبو نعيم الحافظ: سمعت أحمد بن بندار يقول: دخلت العسكر سنة ثمان وثمانين ومئتين، فحضرت مجلس عبدان، وخرج ليملي، فجعل المستملي يقول له: إن رأيت أن تملي؟ فيقول: حتى يحضر الطبراني.
قال: فأقبل أبو القاسم بعد ساعة متزرا بإزار مرتديا بآخر، ومعه أجزاء، وقد تبعه نحو من عشرين نفسا من الغرباء من بلدان شتى حتى يفيدهم الحديث.
قال أبو بكر بن مردويه في " تاريخه ": لما قدم الطبراني قدمته الثانية سنة عشر وثلاث مئة إلى أصبهان قبله أبو علي أحمد بن محمد بن رستم العامل، وضمه إليه، وأنزله المدينة، وأحسن معونته، وجعل له معلوما من دار الخراج فكان يقبضه إلى أن مات، وقد كنى ولده محمدا أبا ذر، وهي كنية والده أحمد.
قال أبو زكريا يحيى بن مندة: سمعت مشايخنا ممن يعتمد عليهم يقولون: أملى أبو القاسم الطبراني حديث عكرمة في الرؤية، فأنكر عليه ابن طباطبا العلوي، ورماه بدواة كانت بين يديه، فلما رأى الطبراني ذلك واجهه بكلام اختصرته، وقال في أثناء كلامه: ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا يذكر ما جرى يوم الحرة، فلما سمع ذلك ابن طباطبا، قام واعتذر إليه وندم، ثم قال ابن مندة: وبلغني أن الطبراني كان حسن المشاهدة، طيب المحاضرة، قرأ عليه يوما أبو طاهر