ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإذا أدركته فاتبعه وصدقه قلت وان أمرني أن أدع النصرانية قال نعم فإنه نبي لا يأمر إلا بالحق ولا يقول إلا حقا والله لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فاعطني فالتفت فلم يجد حوله أحدا قال فاعطني يدك فأخذ بيده فقال قم بإذن الله فقام صحيحا سويا فتوجه نحو أهله فأتبعه بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع المشي وتبعته فتلقاني رفقة من كلب أعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الأنصار فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه قال ومن ثم تعلمت عمل الخوص اشتري خوصا بدرهم فأعمله فأبيعه بدرهمين فأرد أحدهما في الخوص واستنفق درهما أحب أن آكل من عمل يدي وهو يومئذ أمير على عشرين ألفا فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أن الله تعالى أرسله فمكثنا ما شاء الله ان نمكث فهاجر إلينا وقدم علينا فقلت والله لأجربنه فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم ثم طبخته فجعلت قصعة من ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال ما هذه أصدقة أم هدية قلت بل صدقة فقال لأصحابه كلوا بسم الله وأمسك ولم يأكل فلبثت أياما ثم اشتريت لحما أيضا بدرهم فأصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها فوضعتها بين يديه فقال ما هذه هدية أم صدقة قلت بل هدية فقال لأصحابه كلوا بسم الله وأكل معهم قلت هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فنظرت بين كتفيه فرأيت خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة فأسلمت ثم قلت له ذات يوم يا رسول الله أي قوم النصارى قال لا خير فيهم وكنت أحبهم حبا شديدا لما رأيت من اجتهادهم ثم اني سألته أيضا بعد أيام يا رسول الله أي قوم النصارى قال لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم قلت في نفسي فأنا والله أحبهم قال وذاك والله حين بعث السرايا وجرد السيف فسرية تدخل وسرية تخرج والسيف
(٣١)