المحاملي (235 - 330 ه‍.) وهو ممن روى عن الامام البخاري صاحب الصحيح، فأجريت دراسة إجمالية لها، ورجعت إلى معظم ما كتب عنها في المراجع والفهارس المختصة حتى تجمعت لدي معلومات جيدة عن الموضوع، واستشرت أساتذة كراما من أهل الاختصاص فشجعوني على تحقيق هذا المخطوط وتخريج أحاديثه، خاصة وأنه لم يتم تحقيق شئ من كتب الأمالي الحديثية إلى الآن، وهذا في حدود إطلاعي ومعرفتي.
لهذا فقد عزمت على أن يكون هذا الكتاب وهو " أمالي المحاملي " موضوع دراستي " تحقيقا وتخريجا " وتم ذلك ولله الحمد والمنة، وأسأله تعالى التوفيق والسداد، وأرجو أن تكون هذه الدراسة الحلقة الأولى لسلسلة طويلة من التحقيقات العلمية لهذا النوع من التراث.
ولما كان من الضروري أن يسبق هذا التحقيق دراسة علمية تنتظم حياة المؤلف وموضوعات الكتاب شرعت في إعداد مقدمة علمية مناسبة لهذا المقام مهدت لها بوصف إجمالي للحياة العلمية في عصر المحاملي، وجعلتها في مبحثين اثنين:
أما المبحث الأول: فقد تحدثت فيه عن القاضي أبي عبد المحاملي، ذكرت اسمه وكنيته ولقبه، وتحدثت بإيجاز عن أسرته وأهم من اشتهر منهم بالعلم، ورواية الحديث، وأفردت الحديث عن حياة المحاملي العلمية فعرفت بأشهر شيوخه، وأشهر تلاميذه وبمنزلته العلمية وثناء العلماء عليه، وعددت مؤلفاته، وعرفت بها، ثم بينت مذهبه الفقهي ومنهجه فيه، ورأيت ألا أختم حديثي عن أبي عبد الله المحاملي فبل أن أبين عقيدته وهي عقيدة أهل السنة والجماعة في بيئة نما فيها التشيع وتكاثرت فيها مذاهبه، وأخيرا ذكرت تاريخ وفاته، وأنه عاش خمسا وتسعين سنة ينهل من معين السنة الذي لا ينضب، ويروي منه تلاميذه إلى آخر أيام حياته الحافلة الطويلة.
والمبحث الثاني: جعلته للحديث عن أمالي المحاملي، ومهدت عن أمالي المحاملي، ومهدت له بذكر معنى الأمالي وتاريخ الاملاء، وأهم من اشتهر بإملاء الحديث، ثم ذكرت مجمل آداب الاملاء.
أما الحديث عن أمالي المحاملي فقد شمل عنوان هذه الأمالي، وما اشتهرت به، والنسخ الموجود منها، ووصف هذه النسخ، وتوثيق نسبتها إلى المحاملي، وأثبت صورا لأهم السماعات والتملكات التي أثبتت على حواشي الكتاب.