أمالي المحاملي - الحسين بن إسماعيل المحاملي - الصفحة ٤
ولقد من الله تبارك وتعالى على هذه الأمة برجال أتقياء، وعلماء نجباء ونقاد ذوي بصائر وهبوا أنفسهم للذب عن السنة المطهرة وتمحيصها من كل باطل، وتنقيتها من كل شائبة فقعدوا لذلك قواعد وأسسا بلغوا فيها الغاية، ونقدوا الرواة، وسبروا مروياتهم بدقة لا نظير لها حتى لم يبق أحد ممن يروى عنه الحديث إلا عرفوا حاله وبينوا مرتبته بين الرواة، وبذلك تمكنوا من كشف الباطل، وتمييز الخبيث من الطيب لتبقى السنة طاهرة نقية يحفظها الله بهؤلاء الرجال جبال العلم والحفظ وفاءا بوعده سبحانه، إن الله لا يخلف الميعاد.
لقد ذب هؤلاء الجهابذة عن السنة بألسنتهم وأقلامهم حتى أغنوا المكتبات العامة والخاصة بمؤلفاتهم فتركوا للأمة من بعدهم ثروات هائلة، وتراثا عظيما.
ومما يؤسف له حقا أن الكوارث التي ألمت بهذه الأمة عبر تاريخها الطويل أتت على الكثير من هذا التراث، فخسرنا بذلك من جهود علمائنا وعصارات أفكارهم ما لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى.
وبالرغم من ذلك فلا يزال هذا التراث غنيا بتلك المؤلفات التي تنازعتها الأيدي من كل جانب - بسبب تفريط المسلمين - حتى استقرت في المكتبات المختلفة في أنحاء المعمورة، وهي بحاجة إلى رجال يبذلون في خدمتها جهودا وأوقاتا ليخرجوها إلى الحياة من جديد بعد هذا الركود الطويل.
وإن أي جهد يبذل في خدمة هذا التراث - وإن قل - لهو عمل مبارك يستحق كل رعاية وتشجيع.
ولقد أحسنت الجامعات الاسلامية بتشجيعها دراسة وتحقيق كتب التراث، والأمل كبير في أن يأتي اليوم الذي يتم فيه تحقيق ونشر معظم تراثنا الاسلامي الأصيل.
ولما كنت بصدد تسجيل موضوع للحصول على " الدكتوراه " أحببت أن أشارك في هذا المجال الحيوي فقمت بزيارة بعض المكتبات التي تحوي العديد من المخطوطات الأصلية والمصورة، ومن بينها المكتبة المركزية التابعة لجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة.
وبعد إطلاعي على عشرات المخطوطات التي تبحث في علم الحديث وأصوله وقعت في يدي مخطوطة مصورة في الأمالي الحديثية للقاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»