مات بالمدينة فوله أبوه ولها شديدا، وإن أباه أري في منامه أن ائت قبر ابنك فودعه، فخرج يمشي حتى أتى قبره، وهو رجل يقول الشعر، فألقي على لسانه أن قال:
يا صاحب القبر الذي قد استوى * هجت لي حزنا على طول البلى حزنا طويلا يأتي ما انقضى * مر غصص الموت وغم قد برى وضغطة القبر التي فيها الأذى ثم إن الرجل انصرف فنودي من خلفه:
اسمع أحدثك بأمر قد أصابنا * بخبر أوضح من ضوء الضحى عن غصص الموت وهم قد جلى * وفرج نفسه بعد الرضى للقول بالتوحيد فيما قد خلا * أثبت من ذاك جزيلا وعى جنان فردوس رضى للفتى * يدعو فيها بائعها بما اشتهى ثم إن الصوت خمد وانصرف الرجل فما خطر له ابنه على باله حتى مات.
(58) - حدثني إبراهيم بن عبد الله، عن سعيد بن محمد الجرمي، ثنا أبو تميلة، ثنا زيد بن عمر التيمي، ثنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي قال:
" كان صفوان بن أمية في بعض المقابر، فإذا أنوار قد أقبلت ومعها جنازة، فلما دنوا من المقبرة، قال أنظروا قبر كذا وكذا، قال: فسمع رجل صوتا من القبر حزينا موجعا يقول: