أمثاله وبين عبره وجعله فرقانا من الشر ونورا من الظلمة وبصرا من العمى وهدى من الضلالة ثم تمت النعمة وأكملت العبادة وحفظت الوصية وجرت السنة ومضت الموعظة واعتقد الميثاق واستوجبت الطاعة فهو حبل الله المتين والعروة الوثقى لا انفصام لها بها سبق الأولون وبها أدرك الآخرون كتابا تولى حكمه وارتضاه لنفسه وافترضه على عباده من حفظه بلغه ما سواه ومن ضيعه لا يقبل منه غيره أما بعد فإن الله تبارك وتعالى أنزل على محمد النبوة وابتعثه بالرسالة رحمة للناس كافة والناس حينئذ في ظلمة الجاهلية وضالتها يعبدون أوثانها ويستقسمون وفي بأزلامها كل عنها يأتمرون أمرهم وبها يحلون حلالهم ويحرمون حرامهم دينهم بدعة ودعوتهم فرية فبعث الله عز وجل بالحق محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة منه لكم ومنة من بها عليكم وبشركم وأنذركم ذكر من كان قبلكم من الأمم وقص في الكتاب قصة أمرهم كيف نصحت لهم رسلهم وكيف كذبوهم وتولوا عنهم وكيف كانت عقوبة الله إياهم فوعظكم الله بنكال من قبلكم وأمركم أن تقتدوا بصالح فعالهم فبلغ محمد الرسالة ونصح الأمة وعمل بالطاعة وجاهد العدو فأعز الله به أمره وأظهر به نوره وتمت به كلمته وانتجب فلا له أقواما عرفوا حق الله واعترفوا به وبذلوا له دماءهم وأموالهم فيهم من هجر داره وعشيرته إلى الله عز وجل ومنهم آوى ونصر فأسوا منه بأنفسهم وآسوا به ولم يرغبوا بأنفسهم عن نفسه فأيد الله بهم الدين ودمغ الحق
(١٤٦)