شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٤
عليه في أمور الاحكام ما يجوز على غيره إنما يحكم بين الناس بالظاهر والله يتولى السرائر فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك ولكنه إنما كلف الحكم بالظاهر وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله وفي حديث المتلاعنين لولا الايمان لكان لي ولها شأن ولو شاء الله لأطلعه صلى الله عليه وسلم على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه أجرى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره ليصح الاقتداء به وتطيب نفوس العباد بالانقياد للاحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن قال فإن قيل هذا الحديث ظاهره أنه يقع منه صلى الله عليه وسلم حكم في الظاهر يخالف ما في الباطن وقد اتفق الأصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ في الاحكام فالجواب أنه لا تعارض بين الحديث وقاعدة الأصوليين لان مراد الأصوليين فيما حكم به باجتهاده فهل يجوز أ يقع فيه خطأ وأما الحديث فمعناه إذا حكم بغير الاجتهاد كالبينة واليمين فهذا إذا وقع منه ما يخالف ظاهره باطنه لا يسمى الحكم خطأ بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف وهو وجوب العمل بشاهدين مثلا فإن كانا شاهدي زور أو نحو ذلك فالتقصير منهما ومن ساعدهما وأما الحكم فلا حيلة له في ذلك ولا عيب عليه بسببه بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع وقال الشيخ تقي الدين السبكي قوله فمن قضيت له في حق أخيه بشئ قضية شرطية لا يستدعي وجودها بل معناها بيان أن ذلك جائز قال ولم يثبت لنا قط أنه صلى الله عليه وسلم حكم بحكم ثم بان خلافه لا بسبب تبين حجة ولا بغيرها وقد صان
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 233 234 235 238 239 240 241 ... » »»