انه كثير الضرب للنساء قال النووي وهذا أصح قال الحاكم في كتاب مناقب الشافعي من لطيف استنباطه ما رواه محمد بن جرير الطبري عن الربيع قال كان الشافعي يوما بين يدي مالك بن أنس فجاء رجل إلى مالك فقال يا أبا عبد الله إني رجل أبيع القمرى واني بعت يومي هذا قمريا فبعد زمان أتى صاحب القمري فقال إن قمريك لا يصيح فتناكرنا إلى أن حلفت بالطلاق أن قمري لا يهدأ من الصياح قال مالك طلقت امرأتك فانصرف الرجل حزينا فقام الشافعي إليه وهو يومئذ بن أربع عشرة سنة وقال للسائل أصياح قمريك أثر أم سكوته قال السائل بل صياحه قال الشافعي امض فان زوجتك ما طلقت ثم رجع الشافعي إلى الحلقة فعاد السائل إلى مالك وقال يا أبا عبد الله تفكر في واقعتي تستحق الثواب فقال مالك رحمه الله الجواب ما تقدم قال فإن عندك من قال الطلاق غير واقع فقال مالك ومن هو فقال السائل هو هذا الغلام وأومأ بيده إلى الشافعي فغضب مالك وقال من أين هذا الجواب فقال الشافعي لأني سألته أصياحه أكثر أم سكوته فقال إن صياحه أكثر فقال مالك وهذا الدليل أقبح أي تأثير لقلة سكوته وكثرة صياحه في هذا الباب فقال الشافعي لأنك حدثتني عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان أبا جهم ومعاوية خطباني فبأيهما أتزوج فقال لها أما معاوية فصعلوك وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وقد علم الرسول أن أبا جهم كان يأكل وينام ويستريح فعلمنا أنه عليه الصلاة والسلام عني بقوله لا يضع عصاه عن عاتقه على تفسير أن الأغلب من أحواله ذلك فكذا هنا حملت قوله هذا القمري لا يهدأ من الصياح أن الأغلب من أحواله ذلك فلما سمع ما لك ذلك تعجب من الشافعي ولم يقدح في قوله البتة وأما معاوية فصعلوك بضم الصاد لا مال له قال النووي في هذا الحديث استعمال المجاز وجواز إطلاق مثل هذه العبارة فإنه قال ذلك مع العلم بأنه كان لمعاوية ثوب يلبسه ونحو ذلك من المال المحقر وأن أبا جهم كان يضع العصا عن عاتقه في حال نومه وأكله وغيرهما ولكن لما كان كثير الحمل للعصا وكان معاوية قليل المال جدا جاز إطلاق هذا اللقط عليه مجازا
(٧٦)