عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٢٤
من غير إدراك ولا فهم، لأنه لا جار في هذه الصورة لأن الذي فيها الشريك في نفس المبيع والجار لا يتقدم عليه ولا يستحق الجار الشفعة إلا بعده بل وبعد الشريك في حق المبيع أيضا فكيف يحل لهذا القائل أن يفتري على هذا الإمام الذي سبق إمامه وإمام غيره وينسب إليه أبطال السنة.
وقال بعض الناس: إن اشتراى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين.
هذا أيضا تشنيع على الحنفية. قوله: وهب أي: ما اشتراه لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين في تحقق الهبة، ولا في جريان شروطها. وقيد بالصغير لأن الهبة لو كانت للكبير وجب عليه اليمين فتحيل إلى إسقاطها بجعلها للصغير، وأشار باليمين أيضا إلى أن لو وهب لأجنبي فإن للشفيع أن يحلف الأجنبي أن الهبة حقيقية وأنها جرت بشروطها: والصغير لا يحلف لكن عند المالكية: أن أباه الذي يقبل له يحلف، وعن مالك: لا تدخل الشفعة في الموهوب مطلقا، كذا ذكره في المدونة 15 ((باب احتيال العامل ليهدى له)) أي: هذا باب في بيان كراهة حيلة العامل لأجل أن يهدى له، على صيغة المجهول، والعامل هو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة: عامل.
6979 حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله رجلا على صدقات بني سليم يدعاى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه قال: هاذا مالكم وهاذا هدية، فقال رسول الله فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك، إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد الله وأثناى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هاذا مالكم وهاذا هدية، أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، يقول: اللهم هل بلغت بصر عيني وسمع أذني.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: وهذا هدية قال المهلب حيلة العامل ليهدى له تقع بأن يسامح بعض من عليه الحق فلذلك قال: هلا جلس في بيت أبيه وأمه لينظر هل يهدى له؟ ويقال: احتيال العامل هو بأن ما أهدي له في عمالته يستأثر به ولا يضعه في بيت المال، وهدايا العمال والأمراء هي من جملة حقوق المسلمين.
وأبو أسامة حماد بن أسامة، وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أبي حميد بضم الحاء عبد الرحمان، وقيل: المنذر الساعدي الأنصاري.
والحديث مضى في الهبة عن عبد الله بن محمد وفي النذور عن أبي اليمان وفي الزكاة عن يوسف بن موسى، ومضى الكلام فيه في الزكاة.
قوله: ابن اللتبيه بضم اللام وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة وياء النسبة، وقيل: بفح التاء المثناة من فوق، وقيل: بالهمزة المضمومة بدل اللام واسمه عبد الله. قوله: فلا أعرفن نهي للمتكلم صورة وفي المعنى نهي لقوله: أحدا ويروى فلأعرفن أي: والله لأعرفن. قوله: رغاء هو صوت ذات الخف. قوله: تيعر بالكسر وقيل بالفتح من اليعار بضم الياء آخر
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»