عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٢٣
وإما منجمة ويروى: مقطعة أو منجمة، بالشك من الراوي والمراد أنها مؤجلة على نقدات مفرقة، والنجم الوقت المعين المضروب. قوله: أعطيت على صيغة المجهول والقائل هو أبو رافع. قوله: بسقبه ويروى: بصقبه، بالصاد وبفتح القاف وسكونها وهو القرب، يقال: سقبت داره بالكسر والمنزل سقب والساقب القريب ويقال للبعيد أيضا، جعلوه من الأضداد. وقال إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث الصقب بالصاد ما قرب من الدار ويجوز أن يقال: سقب، بالسين واستدل به أصحابنا أن للجار الشفعة بعد الخليط في نفس المبيع، وهو الشريك ثم للخليط في حق المبيع كالشرب بالكسر والطريق، وهو حجة على الشافعي حيث لم يثبت الشفعة للجار. قوله: ما بعتكه أي: الشيء، وفي رواية المستملي: ما بعتك بحذف المفعول. قوله: أو قال: ما أعطيتكه شك من الراوي، قيل: هو سفيان ويروى: ما أعطيتك، بحذف الضمير.
قوله: قلت لسفيان القائل هو علي بن عبد الله شيخ البخاري. قوله: أن معمرا لم يقل هكذا يشير به إلى ما رواه عبد الله بن المبارك عن معمر عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه بالحديث دون القصة.
أخرجه النسائي وابن ماجة عن حسين المعلم عن عمرو بن الشريد عن أبيه: أن رجلا قال: يا رسول أرضي ليس فيها لأحد شرك ولا قسم إلا الجوار، فقال: إنما الجار أحق بسقبه ما كان، وأخرجه الطحاوي أيضا، وهذا صريح بوجوب الشفعة لجوار لا شركة فيه. انتهى. قلت: الشريد بن سويد الثقفي عداده في أهل الطائف له صحبة النبي ويقال: إنه من حضرموت، ويقال: إنه من همدان حليف لثقيف، روى عنه عمرو، والمراد على هذا بالمخالفة إبدال الصحابي بصحابي آخر، وقال الكرماني: يريد أن معمرا لم يقل هكذا أي: إن الجار أحق بالشفعة، بزيادة لفظ: الشفعة، ورد عليه بأن الذي قاله لا أصل له ولم يعلم مستنده فيه ما هو، بل لفظ معمر: الجار أحق بصقبه، كرواية أبي رافع سواء. قوله: لكنه أي: قال سفيان: لكن إبراهيم بن ميسرة قال لي هكذا وحكى الترمذي عن البخاري: إن الطريقين صحيحان، والله أعلم.
وقال بعض الناس: إذا أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يبطل الشفعة، فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها ويدفعها إليه ويعوضه المشتري ألف درهم، فلا يكون للشفيع فيها شفعة.
هذا تشنيع على الحنفية بلا وجه على ما نذكره. قوله: أن يبيع الشفعة من البيع قال الكرماني: لفظ الشفعة، من الناسخ أو المراد لازم البيع وهو الإزالة. قلت: في رواية الأصيلي وأبي ذر عن غير الكشميهني: إذا أراد أن يقطع الشفعة، ويروى: إذا أراد أن يمنع الشفعة. قوله: ويحدها أي: يصف حدودها التي تميزها، وقال الكرماني: ويروى في بعض النسخ: ونحوها، وهو أظهر، وإنما سقطت الشفعة في هذه الصورة لأن الهبة ليست معاوضة محضة فأشبهت الإرث.
6978 حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع أن سعدا ساومه بيتا بأربعمائة مثقال، فقال: لولا أني سمعت رسول الله يقول الجار أحق بصقبه لما أعطيتك.
أي: هذا حديث أبي رافع المذكور ذكره مختصرا من طريق سفيان الثوري عن إبراهيم بن ميسرة، وأورده في آخر كتاب الحيل بأتم منه.
سعد هو ابن أبي وقاص، قيل: ذكر البخاري في هذه المسألة حديث أبي رافع ليعرفك إنما جعله النبي حقا للشفيع لقوله: الجار أحق بصقبه لا يحل إبطاله انتهى. قلت: ليس في الحديث ما يدل على أن البيع وقع والشفيع لا يستحق إلا بعد صدور البيع، فحينئذ لا يصح أن، يقال: لا يحل إبطاله، وقال صاحب التوضيح إنما أراد البخاري أن يلزم أبا حنيفة التناقض لأنه يوجب الشفعة للجار ويأخذ في ذلك بحديث: الجار أحق بصقبه، فمن اعتقد هذا وثبت ذلك عنده من قضائه وتحيل بمثل هذه الحيلة في إبطال شفعة الجار فقد أبطل السنة التي اعتقدها. انتهى. قلت: هذا الذي قاله كلام
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»