مندوب إليه، وأما الاحتيال لإبطال حق المسلم فإثم وعدوان. وقال النسفي في الكافي عن محمد بن الحسن قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
2 ((باب في الصلاة)) أي: هذا باب في بيان دخول الحيلة في الصلاة.
6954 حدثني إسحاق بن نصر، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ انظر الحديث 135 وقال الكرماني: فإن قلت: ما وجه تعلق الحديث بالكتاب؟. قلت: قالوا مقصود البخاري الرد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة، وقالوا: إن التحلل يحصل بكل ما يضاد الصلاة فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث. ووجه الرد أنه محدث في الصلاة فلا تصح لأن التحلل منها ركن فيها لحديث: وتحليلها التسليم، كما أن التحريم بالتكبير ركن منها، وحيث قالوا: المحدث في الصلاة يتوضأ ويبني، وحيث حكموا بصحتها عند عدم النية في الوضوء بعلة أنه ليس بعبادة. انتهى.
وقال ابن المنير: أشار البخاري بهذه الترجمة إلى رد قول من قال بصحة صلاة من أحدث عمدا في أثناء الجلوس الأخير، ويكون حدثه كسلامه بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة مع الحدث. انتهى. وقال ابن بطال: فيه رد على من قال: إن من أحدث في القعدة الأخيرة إن صلاته صحيحة. انتهى. وقيل: التحريم يقابله التسليم لحديث: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، فإذا كان أحد الطرفين ركنا كان الطرف الآخر ركنا قلت: لا مطابقة بين الحديث والترجمة أصلا فإنه لا يدل أصلا على شيء من الحيل، وقول الكرماني: فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث، كلام مردود غير مقبول أصلا لأن الحنفية ما صححوا صلاة من أحدث في القعدة الأخيرة بالحيلة، وما للحيلة دخل أصلا في هذا، بل حكموا بذلك بقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لابن مسعود، رضي الله تعالى عنه: إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك رواه أبو داود في سننه ولفظه: إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد فاقعد. ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وهذا ينافي فرضية السلام في الصلاة لأنه صلى الله عليه وسلم، خير المصلي بعد القعود بقوله إن شئت أن تقوم... إلى آخره، وهو حجة على الشافعي في قوله: السلام فرض وما حملهم على هذا الكلام الساقط إلا فرط تعصبهم الباطل.
وقوله: وجه الرد أنه محدث في صلاته، فلا تصح غير صحيح لأن صلاته قد تمت. وقوله: لحديث: وتحليلها التسليم، استدلال غير صحيح، لأنه خبر من أخبار الآحاد فلا يدل على الفرضية، وكذلك استدلالهم على فرضية تكبيرة الافتتاح بقوله تحريمها التكبير، غير صحيح لما ذكرنا، بل فرضيته بقوله تعالى: * (وربك فكبر) * المراد به في الصلاة إذ لا يجب خارج الصلاة بإجماع أهل التفسير، ولا مكان يجب فيه إلا في افتتاح الصلاة. وقوله: بعلة أنه لبس بعبادة، كلام ساقط أيضا، لأن الحنفية لم يقولوا: إن الوضوء ليس بعبادة مطلقا، بل قالوا: إنه عبادة غير مستقلة بذاتها بل هو وسيلة إلى إقامة الصلاة، وقول ابن المنير أيضا، بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة، مردود كما ذكرنا وجهه، وقول ابن بطال: فيه رد... الخ كذلك مردود. لأن الحديث لا يدل على ما قاله قطعا. وقول من قال: فإذا كان أحد الطرفين ركنا كان الطرف الآخر ركنا، غير سديد ولا موجة أصلا لعدم استلزام ذلك على ما لا يخفى.
قوله: حدثني إسحاق ويروى: حدثنا إسحاق، وهو ابن نصر أبو إبراهيم السعدي البخاري كان ينزل بالمدينة بباب سعد، يروي عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن همام بتشديد الميم ابن منبه الأبناوي الصنعاني.
والحديث مضى في الطهارة ومضى الكلام فيه.
3 ((باب في الزكاة))